يَقُولُ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ، وَعَلَى هَذَا، فَقَدْ عَنْعَنَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى الْمُنَاوَلَةِ، وَيَحْتَجُّ بِهَا، وَقُصَارَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا، وَقَدْ قَوَّاهُ بِالْمُتَابَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَقِبَهُ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَمْرٌو، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اخْتَارَ طَرِيقَ عَمْرٍو لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ فِيهَا بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمُتَابَعَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَصَلَهَا مُسْلِمٌ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: كَانَ مَعْمَرٌ يُرْسِلُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَأَسْنَدَهُ مَرَّةً عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَدْ وَقَعَ لِي مُعَلَّقًا فِي جُزْءِ الذُّهْلِيِّ: قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَأَمَّا رِوَايَةُ سَلَامَةَ، وَهُوَ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَقِيلٍ، فَأَظُنُّهَا فِي الزُّهْرِيَّاتِ لِلذُّهْلِيِّ، وَلَهُ نُسْخَةٌ عَنْ عَمِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَرْوِيهَا مِنْ كِتَابٍ.
قَوْلُهُ: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ. وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ، وَزَادَ: وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ. وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَى الْحَقِّ هُنَا الْوُجُوبُ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ بَطَّالٍ: الْمُرَادُ حَقُّ الْحُرْمَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا وُجُوبُ الْكِفَايَةِ.
قَوْلُهُ: (رَدُّ السَّلَامِ) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى أَحْكَامِهِ فِي الِاسْتِئْذَانِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْمَرْضَى، وَإِجَابَةُ الدَّاعِي يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْوَلِيمَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَبِ. وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ فَضْلِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ فِي وَسَطِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا إِثْبَاتُ مَشْرُوعِيَّتِهِ، فَلَا تَكْرَارَ.
٣ - بَاب الدُّخُولِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ الْمَوْتِ إِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ
١٢٤١، ١٢٤٢ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمْ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ ﵂ فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وأمي يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ خَرَجَ وَعُمَرُ ﵁ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ: اجْلِسْ فَأَبَى، فَقَالَ: اجْلِسْ فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ فوَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الآية حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ ﵁ فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلَّا يَتْلُوهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute