بِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَتْ كِفَايَةُ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ لَأَمَرَهُ بِهِ، كَمَا أَمَرَهُ أَنْ يَسُوقَ إِلَيْهَا صَدَاقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، مَعَ أَنَّ سَوْقَ الصَّدَاقِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِذَا رَضِيَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تُؤَخِّرَهُ، فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْوَاجِبِ؟ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَصْبَغَ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ خِدْمَةَ الْبَيْتِ تَلْزَمُ الْمَرْأَةَ وَلَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ ذَاتَ قَدْرٍ وَشَرَفٍ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا، قَالَ: وَلِذَلِكَ أَلْزَمَ النَّبِيُّ ﷺ فَاطِمَةَ بِالْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ وَعَلِيًّا بِالْخِدْمَةِ الظَّاهِرَةِ.
وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَالَ: لَا نَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى عَلَى فَاطِمَةَ بِالْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ، وَإِنَّمَا جَرَى الْأَمْرُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْأَخْلَاقِ، وَأَمَّا أَنْ تُجْبَرَ الْمَرْأَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْخِدْمَةِ فَلَا أَصْلَ لَهُ، بَلِ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ مُؤْنَةَ الزَّوْجَةِ كُلَّهَا. وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُ خَادِمِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ عَلَى حَسْبِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ: يُفْرَضُ لَهَا وَلِخَادِمِهَا النَّفَقَةُ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُفْرَضُ لَهَا وَلِخَادِمِهَا إِذَا كَانَتْ خَطِيرَةً، وَشَذَّ أَهْلُ الظَّاهِرِ فَقَالُوا: لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُخْدِمَهَا وَلَوْ كَانَتْ بِنْتَ الْخَلِيفَةِ، وَحُجَّةُ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وَإِذَا احْتَاجَتْ إِلَى مَنْ يَخْدِمُهَا فَامْتَنَعَ لَمْ يُعَاشِرْهَا بِالْمَعْرُوفِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ مَبَاحِثِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ الْغَيْرَةِ مِنْ أَوَاخِرِ النِّكَاحِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ.
٨ - بَاب خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ
٥٣٦٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂: مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْنَعُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ) أَيْ: بِنَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ يَكُونُ) سَقَطَ لَفْظُ: يَكُونُ مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُ الْمَهْنَةِ وَأَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: ضُبِطَ فِي الْأُمَّهَاتِ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَضَبَطَهُ الْهَرَوِيُّ بِالْفَتْحِ، وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنْ شِمْرٍ عَنْ مَشَايِخِهِ أَنَّ كَسْرَهَا خَطَأٌ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مَعَ شَرْحِ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ.
تَنْبِيهٌ:
وَقَعَ هُنَا لِلنَّسَفِيِّ وَحْدَهُ تَرْجَمَةٌ نَصُّهَا: بَابُ هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ، وَبَعْدَهُ الْحَدِيثُ الْآتِي فِي: بَابِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ وَالرَّاجِحُ مَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ
٩ - بَاب إِذَا لَمْ يُنْفِقْ الرَّجُلُ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ
٥٣٦٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدًا بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يُنْفِقِ الرَّجُلُ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ) أَخَذَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ