للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَسٍ أَيْضًا كَانَ يَسْتَسْقِي هَكَذَا وَمَدَّ يَدَيْهِ - وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ - حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: السُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لِرَفْعِ الْبَلَاءِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ جَاعِلًا ظُهُورَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَإِذَا دَعَا بِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلُهُ أَنْ يَجْعَلَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ. انْتَهَى.

وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحِكْمَةُ فِي الْإِشَارَةِ بِظُهُورِ الْكَفَّيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ دُونَ غَيْرِهِ لِلتَّفَاؤُلِ بِتَقَلُّبِ الْحَالِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ كَمَا قِيلَ فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ، أَوْ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الْمَسْئُولِ وَهُوَ نُزُولُ السَّحَابِ إِلَى الْأَرْضِ.

٢٣ - بَاب مَا يُقَالُ إِذَا أمَطَرَتْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿كَصَيِّبٍ﴾ الْمَطَرُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: صَابَ وَأَصَابَ يَصُوبُ

١٠٣٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ Object كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: صَيِّبًا نَافِعًا. تَابَعَهُ الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَعُقَيْلٌ عَنْ نَافِعٍ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُقَالُ) يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً أَوِ اسْتِفْهَامِيَّةً.

قَوْلُهُ: (إِذَا مُطِرَتْ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَلِلْبَاقِينَ أَمُطِرَتْ مِنْ رُبَاعِيٍّ وَهُمَا بِمَعْنًى عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ: يُقَالُ مُطِرَ فِي الْخَيْرِ وَأُمْطِرَ فِي الشَّرِّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَصَيِّبِ الْمَطَرِ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّيِّبُ السَّحَابُ، وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ ذَلِكَ مَجَازًا. قَالَ ابْنُ الْمُن يرِ: مُنَاسَبَةُ أَثَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ لَمَّا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ الْمَرْفُوعِ قَوْلُهُ صَيِّبًا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ تَفْسِيرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ، وَهَذَا يَقَعُ لَهُ كَثِيرًا، وَقَالَ أَخُوهُ الزَّيْنُ: وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّ الصَّيِّبَ لَمَّا جَرَى ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ قُرِنَ بِأَحْوَالٍ مَكْرُوهَةٍ، وَلَمَّا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وُصِفَ بِالنَّفْعِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الْمَطَرُ، وَأَنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى نَافِعٍ وَضَارٍّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: صَابَ وَأَصَابَ يَصُوبُ) كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ، وَقَدِ اسْتُشْكِلَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ يَصُوبُ مُضَارِعُ صَابَ، وَأَمَّا أَصَابَ فَمُضَارِعُهُ يُصِيبُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الصَّيِّبُ تَقْدِيرُهُ مِنَ الْفِعْلِ سَيَّدَ وَهُوَ مِنْ صَابَ يَصُوبُ فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ وَانْصَابَ كَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ فَسَقَطَتِ النُّونُ كَمَا سَقَطَتْ يَنْصَابُ بَعْدَ يَصُوبُ، أَوِ الْمُرَادُ مَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْأَفْعَالِ صَابَ الْمَطَرُ يَصُوبُ إِذَا نَزَلَ فَأَصَابَ الْأَرْضَ فَوَقَعَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَيِ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَقَدْ سَمِعَ نَافِعٌ مِنْ عَائِشَةَ وَنَزَلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْهَا، وَكَذَا سَمِعَ عُبَيْدُ اللَّهِ مِنَ الْقَاسِمِ وَنَزَلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، مَعَ أَنَّ مَعْمَرًا قَدْ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ نَفْسِهِ بِإِسْقَاطِ نَافِعٍ مِنَ السَّنَدِ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا) كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَسَقَطَ اللَّهُمَّ لِغَيْرِهِمَا. وَصَيِّبًا مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيِ اجْعَلْهُ، وَنَافِعًا صِفَةٌ لِلصَّيِّبِ وَكَأَنَّهُ احْتُرِزَ بِهَا عَنِ الصَّيِّبِ الضَّارِّ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَرٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ تَامًّا وَلَفْظُهُ كَانَ إِذَا كَانَ يَوْمُ رِيحٍ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: رَحْمَةٌ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَائِشَةَ أَوْضَحَ مِنْهُ وَلَفْظُهُ كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي أُفُقِ السَّمَاءِ تَرَكَ الْعَمَلَ، فَإِنْ كُشِفَ حَمِدَ اللَّهَ فَإِنْ أَمْطَرَتْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا. وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي أَوَائِلِ بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ