للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُعَلَّقِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ: وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ. وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، رَحْلٌ صَغِيرٌ عَلَى قَدْرِ السَّنَامِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ مَوْصُولًا بِلَفْظِ: فَأَحْقَبَهَا؛ أَيْ أَرْدَفَهَا عَلَى الْحَقِيبَةِ، وَهِيَ الزُّنَّارُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي مُؤَخَّرِ الْقَتَبِ، فَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبَانَ: عَلَى قَتَبٍ؛ أَيْ حَمَلَهَا عَلَى مُؤَخَّرِ قَتَبٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَرْدَفَهَا، وَكَانَ هُوَ عَلَى قَتَبٍ، فَإِنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ. وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِي اعْتِمَارِ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُمَرُ: شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الْحَجِّ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ - وَهُوَ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ - أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ وَهُوَ يَخْطُبُ: إِذَا وَضَعْتُمُ السُّرُوجَ فَشُدُّوا الرِّحَالَ إِلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ. وَمَعْنَاهُ إِذَا فَرَغْتُمْ مِنَ الْغَزْوِ فَحُجُّوا وَاعْتَمِرُوا، وَتَسْمِيَةُ الْحَجِّ جِهَادًا إِمَّا مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ أَوْ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَالْمُرَادُ جِهَادُ النَّفْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ، وَسَيَأْتِي فِي ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مَا يُؤَيِّدُهُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) هُوَ الْمُقَدَّمِيُّ، كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَغَيْرُهُمَا، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِهِ. وَعَزْرَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّاي بَعْدَهَا رَاءٌ تَأْنِيثُ عَزْرٍ، وَهُوَ الْمَنْعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُعَزِّرُوهُ، وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ. وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ) أَيِ الرَّاحِلَةُ الَّتِي رَكِبَهَا، وَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ، لَكِنْ دَلَّ عَلَيْهَا ذِكْرُ الرَّحْلِ، وَالزَّامِلَةُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالْمَتَاعُ، مِنَ الزَّمْلِ، وَهُوَ الْحَمْلُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ زَامِلَةٌ تَحْمِلُ طَعَامَهُ وَمَتَاعَهُ بَلْ كَانَ ذَلِكَ مَحْمُولًا مَعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَكَانَتْ هِيَ الرَّاحِلَةُ وَالزَّامِلَةُ. وَرَوَى سَعِيدُ ابْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَحُجُّونَ وَتَحْتَهُمْ أَزْوِدَتُهُمْ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَلَيْسَ تَحْتَهُ شَيْءٌ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَاتِّبَاعًا لَا عَنْ قِلَّةٍ وَبُخْلٍ. وَقَدْ رَوَى ابنُ مَاجَهْ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظٍ آخَرَ، لَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ، فَذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةٍ تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ - ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا، وَلَا سُمْعَةَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ. وَأَبُو عَاصِمٍ هُوَ النَّبِيلُ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ هُنَا بِوَاسِطَةٍ، وَنَابِلٌ وَالِدُ أَيْمَنَ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ نَاقَتَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

٤ - بَاب فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ

١٥١٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ.

١٥٢٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ "عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ قَالَ لَا لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ"