وكَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَنْ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَاحْتَلَمَ يَتَيَمَّمُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ. وَوَرَدَ ذَكَرَ بِمَعْنَى تَذَكَّرَ مِنَ الذُّكْرِ بِضَمِّ الذَّالِ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ مِنَ الذِّكْرِ بِكَسْرِهَا. وَقَوْلُهُ خَرَجَ كَمَا هُوَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هَذِهِ الْكَافُ كَافُ الْمُقَارَنَةِ لَا كَافُ التَّشْبِيهِ كَذَا قَالَ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَالتَّشْبِيهُ هُنَا لَيْسَ مُمْتَنِعًا لِأَنْ يَتَعَلَّقَ بِحَالَتِهِ أَيْ خَرَجَ فِي حَالَةٍ شَبِيهَةٍ بِحَالَتِهِ الَّتِي قَبْلَ خُرُوجِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُحْدِثِ لَمْ يَفْعَلْ مَا يَرْفَعُهُ مِنْ غَسْلٍ أَوْ مَا يَنُوبُ عَنْهُ مِنْ التَّيَمُّمِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ الْجُعْفِيُّ وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ.
قَوْلُهُ: (وَعُدِّلَتْ) أَيْ سُوِّيَتْ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ لَا يُكَبِّرَ حَتَّى تَسْتَوِيَ الصُّفُوفُ.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ لَا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَفْظًا وَعِلْمُ الرَّاوِي بِذَلِكَ مِنْ قَرَائِنِ الْحَالِ أَوْ بِإِعْلَامِهِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ النَّبِيُّ ﷺ لِلصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَنَا: مَكَانَكُمْ) بِالنَّصْبِ أَيْ: الْزَمُوا مَكَانَكُمْ. وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ مَكَانَكُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ بَيْنَ الْكَلَامِ وَالْإِشَارَةِ.
قَوْلُهُ: (وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ) أَيْ مِنْ مَاءِ الْغُسْلِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَكَبَّرَ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِقَامَةِ السَّابِقَةِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ التَّخَلُّلِ الْكَثِيرِ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي مَعَ بَقِيَّةِ مَبَاحِثِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ أَبْوَابِ الْأَذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عَبْدُ الْأَعْلَى) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْبَصْرِيُّ وَرِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْهُ، وَقَدْ تَابَعَ عُثْمَانَ بْنَ عُمَرَ رَاوِيَهُ عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ تَامَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ) رِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي أَوَائِلِ أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ السَّبَبَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ قَوْلِهِ تَابَعَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ رَوَاهُ كَوْنُ الْمُتَابَعَةِ وَقَعَتْ بِلَفْظِهِ وَالرِّوَايَةِ بِمَعْنَاهُ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ، بَلْ هُوَ مِنَ التَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ.
١٨ - بَاب نَفْضِ الْيَدَيْنِ مِنْ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ
٢٧٦ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، عَنْ سَالِمِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ غُسْلًا فَسَتَرْتُهُ بِثَوْبٍ وَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ فَضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَمَسَحَهَا ثُمَّ غَسَلَهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَأَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ فَنَاوَلْتُهُ ثَوْبًا فَلَمْ يَأْخُذْهُ فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ نَفْضِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْغُسْلِ عَنِ الْجَنَابَةِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَكَرِيمَةَ. وَلِلْبَاقِينَ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ) هُوَ السُّكَّرِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ نَفْضِ مَاءِ الْغَسِيلِ وَالْوُضُوءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْغُسْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ مَرْوَزِيَّانِ: عَبْدَانُ وَشَيْخُهُ، وَكُوفِيَّانِ: الْأَعْمَشُ وَشَيْخُهُ، وَمَدَنِيَّانِ: كُرَيْبٌ وَشَيْخُهُ، وَفِيمَا قَبْلَهُ بِبَابٍ كَذَلِكَ لِأَنَّ يُوسُفَ بْنَ عِيسَى وَشَيْخَهُ مَرْوَزِيَّانِ، وَفِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ بَصْرِيَّانِ: مُوسَى، وَأَبُو عَوَانَةَ وَكَذَا مُوسَى، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ، وَكَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ، وَفِيمَا قَبْلُ أَيْضًا مَكِّيَّانِ: الْحُمَيْدِيُّ، وَسُفْيَانُ، وَكُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنِ الْأَعْمَشِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
١٩ - بَاب مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ فِي الْغُسْلِ
٢٧٧ - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ