للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ : إِذَا تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ الْمَاءَ) هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي لَمْ يُوصِلْهَا الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَيْنَاهُ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَفِي نُسْخَةِ هَمَّامٍ مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ عَنْهُ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ وَلَفْظُهُ: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ الْمَاءَ ثُمَّ لِيَسْتَنْثِرْ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَمْ يُمَيِّزِ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَهُ تَفَقُّهًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي أَصْلِ الِاسْتِنْشَاقِ، لَكِنْ وَرَدَ تَمْيِيزُ الصَّائِمِ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ: بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ; وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِإِيرَادِ أَثَرِ الْحَسَنِ عَقِبَهُ إِلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ لَا بَأْسَ بِالسَّعُوطِ لِلصَّائِمِ إِنْ لَمْ يَصِلِ الْمَاءُ إِلَى حَلْقِهِ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَحْوَهُ، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ: يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى مَنِ اسْتَعَطَ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجِبُ إِلَّا إِنْ وَصَلَ الْمَاءُ إِلَى حَلْقِهِ. وَقَوْلُهُ: وَيَكْتَحِلُ هُوَ مِنْ قَوْلِ الْحَسَنِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَبْلَ بَابَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ. . . إِلَخْ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: الصَّائِمُ يُمَضْمِضُ ثُمَّ يَزْدَرِدُ رِيقَهُ وَهُوَ صَائِمٌ؟ قَالَ: لَا يَضُرُّهُ، وَمَاذَا بَقِيَ فِي فِيهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الْبُخَارِيِّ وَمَا بَقِيَ فِي فِيهِ؟ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: ظَاهِرُهُ إِبَاحَةُ الِازْدِرَادِ لِمَا بَقِيَ فِي الْفَمِ مِنْ مَاءِ الْمُضَمْضِمَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ بِلَفْظِ: وَمَاذَا بَقِيَ فِي فِيهِ وَكَأَنَّ ذَا سَقَطَتْ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ. انْتَهَى. وَمَا عَلَى ظَاهِرِ مَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ مَوْصُولَةٌ، وَعَلَى مَا وَقَعَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى فِي فِيهِ بَعْدَ أَنْ يَمُجَّ الْمَاءَ إِلَّا أَثَرُ الْمَاءِ، فَإِذَا بَلَعَ رِيقَهُ لَا يَضُرُّهُ. وَقَوْلُهُ: فِي الْأَصْلِ لَا يَضُرُّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: لَا يَضِيرُهُ بِزِيَادَةِ تَحْتَانِيَّةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْضُغُ الْعِلْكَ. . . إِلَخْ) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَيَمْضُغُ الْعِلْكَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزِاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: يَمْضُغُ الصَّائِمُ الْعِلْكَ؟ قَالَ: لَا.

قُلْتُ: إِنَّهُ يَمُجُّ رِيقَ الْعِلْكِ وَلَا يَزْدَرِدُهُ وَلَا يَمُصُّهُ (١)، قَالَ وَقُلْتُ لَهُ: أَيَتَسَوَّكُ الصَّائِمُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ: أَيَزْدَرِدُ رِيقَهُ؟ قَالَ: لَا. فَقُلْتُ: فَفَعَلَ، أَيَضُرُّهُ؟ قَالَ: لَا. وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْمَضْمَضَةِ فِي بَابِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الصَّائِمِ فِيمَا يَبْتَلِعُهُ مِمَّا يَجْرِي مَعَ الرِّيقِ مِمَّا بَيْنَ أَسْنَانِهِ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِخْرَاجِهِ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إِذَا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَحْمٌ. فَأَكَلَهُ مُتَعَمِّدًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنَ الْأَكْلِ. وَرَخَّصَ فِي مَضْغِ الْعِلْكِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِنْ كَانَ لَا يَتَحَلَّبُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ تَحَلَّبَ مِنْهُ شَيْءٌ فَازْدَرَدَهُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يُفْطِرُ. انْتَهَى. وَالْعِلْكُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا كَافٌ: كُلُّ مَا يُمْضَغُ وَيَبْقَى فِي الْفَمِ كَالْمُصْطَكَّى وَاللُّبَانِ، فَإِنْ كَانَ يَتَحَلَّبُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْفَمِ فَيَدْخُلُ الْجَوْفَ فَهُوَ مُفْطِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُجَفِّفٌ وَمُعَطِّشٌ فَيُكْرَهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ.

٢٩ - بَاب إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ علة وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ: يَقْضِي


(١) لعله" قال لا"