للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: أَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنَّ زَيْنَبَ سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا أَتَاهُ زَيْدٌ يَشْكُوهَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ قَالَ اللَّهُ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنِّي مُزَوِّجُكَهَا، ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾. وَقَدْ أَطْنَبَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي تَحْسِينِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَالَ: إِنَّهَا مِنْ جَوَاهِرِ الْعِلْمِ الْمَكْنُونِ. وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ الَّذِي أَوْرَدْتُهُ، وَهُوَ أَوْضَحُ سِيَاقًا وَأَصَحُّ إِسْنَادًا إِلَيْهِ لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَيْنَبَ اشْتَدَّ عَلَيَّ لِسَانُهَا، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَهَا، فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهُ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، قَالَ: وَالنَّبِيُّ يُحِبُّ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيَخْشَى قَالَةَ النَّاسِ. وَوَرَدَتْ آثَارٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرِيُّ وَنَقَلَهَا كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ لَا يَنْبَغِي التَّشَاغُلُ بِهَا، وَالَّذِي أَوْرَدْتُهُ مِنْهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُخْفِيهِ النَّبِيُّ هُوَ إِخْبَارُ اللَّهِ إِيَّاهُ أَنَّهَا سَتَصِيرُ زَوْجَتَهُ، وَالَّذِي كَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى إِخْفَاءِ ذَلِكَ خَشْيَةَ قَوْلِ النَّاسِ: تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ، وَأَرَادَ اللَّهُ إِبْطَالَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ التَّبَنِّي بِأَمْرٍ لَا أَبْلَغُ فِي الْإِبْطَالِ مِنْهُ وَهُوَ تَزَوُّجُ امْرَأَةِ الَّذِي يُدْعَى ابْنًا. وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ لِيَكُونَ أَدْعَى لِقَبُولِهِمْ.

وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخَبْطُ فِي تَأْوِيلِ مُتَعَلِّقِ الْخَشْيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ كَاتِمًا شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ - يَعْنِي بِالْإِسْلَامِ - ﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ - بِالْعِتْقِ - ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا تَزَوَّجَهَا قَالُوا: تَزَوَّجَ حَلِيلَةَ ابْنِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ الْآيَةَ، وَكَانَ تَبَنَّاهُ وَهُوَ صَغِيرٌ. قُلْتُ: حَتَّى صَارَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿وَمَوَالِيكُمْ﴾ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ إِلَى قَوْلِهِ: لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا الْقَدْرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَظُنُّ الزَّائِدَ بَعْدَهُ مُدْرَجًا فِي الْخَبَرِ، فَإِنَّ الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ دَاوُدَ لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّمَا قَالَ لِزَيْدٍ: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ اخْتِبَارًا لِمَا عِنْدَهُ مِنَ الرَّغْبَةِ فِيهَا أَوْ عَنْهَا، فَلَمَّا أَطْلَعَهُ زَيْدٌ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنْهَا مِنَ النُّفْرَةِ الَّتِي نَشَأَتْ مِنْ تَعَاظُمِهَا عَلَيْهِ وَبَذَاءَةِ لِسَانِهَا أَذِنَ لَهُ فِي طَلَاقِهَا، وَلَيْسَ فِي مُخَالَفَةِ مُتَعَلِّقِ الْأَمْرِ لِمُتَعَلِّقِ الْعِلْمِ مَا يَمْنَعُ الْآمْرَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَى أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِزَيْدٍ: اذْكُرْهَا عَلَيَّ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَقُلْتُ: يَا زَيْنَبُ، أَبْشِرِي، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَذْكُرُكِ. فَقَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي، فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ أَبْلَغِ مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ زَوْجُهَا هُوَ الْخَاطِبُ، لِئَلَّا يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَهْرًا بِغَيْرِ رِضَاهُ. وَفِيهِ أَيْضًا اخْتِبَارُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا هَلْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ فِعْلِ الْمَرْأَةِ الِاسْتِخَارَةَ وَدُعَائِهَا عِنْدَ الْخِطْبَةِ قَبْلَ الْإِجَابَةِ، وَأَنَّ مَنْ وَكَّلَ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ ﷿ يَسَّرَ اللَّهُ لَهُ مَا هُوَ الْأَحَظُّ لَهُ وَالْأَنْفَعُ دُنْيَا وَأُخْرَى.

٧ - بَاب قَوْلِهِ ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿تَرْجُو﴾ تُؤَخِّرُ. أَرْجِئْهُ أَخِّرْهُ

٤٧٨٨ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ: حَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ