للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ عَلَى إِبَاحَتِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى تَحْرِيمِهَا.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ثَبَتَ عَلَى إِبَاحَتِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ Object ابْنُ مَسْعُودٍ، وَمُعَاوِيَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَلَمَةُ، وَمَعْبَدٌ ابْنَا أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَجَابِرٌ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، وَرَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ مُدَّةَ رَسُولِ اللَّهِ Object وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ إِلَى قُرْبِ آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ، قَالَ: وَمِنَ التَّابِعِينَ طَاوُسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٌ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ مَكَّةَ.

قُلْتُ: وَفِي جَمِيعِ مَا أَطْلَقَهُ نَظَرٌ، أَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَمُسْتَنَدُهُ فِيهِ الْحَدِيثُ الْمَاضِي فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ فِيهِ مَا نَقَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنَ الزِّيَادَةِ فِيهِ الْمُصَرِّحَةِ عَنْهُ بِالتَّحْرِيمِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلي بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَفِي آخِرِهِ: فَفَعَلْنَا ثُمَّ تُرِكَ ذَلِكَ. وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ بِالطَّائِفِ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَدِيمًا وَلَفْظُهُ: اسْتَمْتَعَ مُعَاوِيَةُ مَقْدِمَهُ الطَّائِفَ بِمَوْلَاةٍ لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ يُقَالُ لَهَا: مُعَانَةُ، قَالَ جَابِرٍ: ثُمَّ عَاشَتْ مُعَانَةُ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهَا بِجَائِزَةٍ كُلَّ عَامٍ، وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ مُتَّبِعًا لِعُمَرَ مُقْتَدِيًا بِهِ، فَلَا يَشُكُّ أَنَّهُ عَمَلَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّهْيِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: خَطَبَ عُمَرُ فَنَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ Object فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مُنْكِرٌ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ لَهُ عَلَى مَا نَهَى عَنْهُ.

وَأَمَّا أَبُو سَعِيدٍ فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءً قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شِئْتَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَقَدْ كَانَ أَحَدُنَا يَسْتَمْتِعُ بِمِلْءِ الْقَدَحِ سَوِيقًا، وَهَذَا - مَعَ كَوْنِهِ ضَعِيفًا لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ رُوَاتِهِ - لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ Object. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَتَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُ وَالِاخْتِلَافُ هَلْ رَجَعَ أَوْ لَا.

وَأَمَّا سَلَمَةُ، وَمَعْبَدٌ فَقِصَّتُهُمَا وَاحِدَةٌ، اخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ وَقَعَتْ لِهَذَا أَوْ لِهَذَا، فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ يَرْعَ عُمَرُ إِلَّا أُمَّ أَرَاكَةَ قَدْ خَرَجَتْ حُبْلَى، فَسَأَلَهَا عُمَرُ فَقَالَتِ: اسْتَمْتَعَ بِي سَلَمَةُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ فَسَمَّاهُ مَعْبَدُ بْنُ أُمَيَّةَ. وَأَمَّا جَابِرٌ فَمُسْتَنَدُهُ قَوْلُهُ: فَعَلْنَاهَا وَقَدْ بَيَّنْتُهُ قَبْلُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُصْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَنَهَانَا عُمَرُ فَلَمْ نَفْعَلْهُ بَعْدُ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: فَعَلْنَا يَعُمُّ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ فَقَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ نَعُدْ يَعُمُّ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي بَيَّنَّاهَا.

وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ رَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ فَعَجِيبٌ، وَإِنَّمَا قَالَ جَابِرٌ: فَعَلْنَاهَا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعْمِيمَ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ؛ بَلْ يَصْدُقُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَحْدَهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنِ التَّابِعِينَ فَهُوَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ Object ثُمَّ نَهَانَا عُمَرُ فَلَمْ نَعُدْ لَهَا فَهَذَا يَرُدُّ عَدَّهُ جَابِرًا فِيمَنْ ثَبَتَ عَلَى تَحْلِيلِهَا، وَقَدِ اعْتَرَفَ ابْنُ حَزْمٍ مَعَ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِهَا لِثُبُوتِ قَوْلِهِ Object: إِنَّهَا حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ: فَأَمِنَّا بِهَذَا الْقَوْلِ نَسْخَ التَّحْرِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٣٢ - بَاب عَرْضِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ

٥١٢٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَرْحُومُ قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ Object تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا وَاسَوْأَتَاهْ قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ Object فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا.

[الحديث ٥١٢٠ - طرفه في: ٦١٢٣]