للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَعِدَ عُمَرُ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْكِحُونَ هَذِهِ الْمُتْعَةَ بَعْدَ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ Object عَنْهَا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ Object: هَدَمَ الْمُتْعَةَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ، وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ. الحديث الرابع، تقدمت له طريق في الذي قبله.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِلَخْ) وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.

قَوْلُهُ: (أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ لَيَالٍ)، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِعَشَرَةٍ بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ بَدَلَ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ، وَبِالْفَاءِ أَصَحُّ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ إِطْلَاقَ الْأَجَلِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَحَبَّا) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ (أَنْ يَتَزَايَدَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ؛ يَعْنِي تَزَايَدَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: أَنْ يَتَتَارَكَا أَيْ يَتَفَارَقَا تَتَارَكَا. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ: أَنْ يَتَنَاقَضَا تَنَاقَضَا وَالْمُرَادُ بِهِ التَّفَارُقُ.

قَوْلُهُ: (فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً)، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ التَّصْرِيحُ بِالِاخْتِصَاصِ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قَالَ: إِنَّمَا أُحِلَّتْ لَنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ Object مُتْعَةُ النِّسَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ Object.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَيَّنَهُ عَلِيٌّ، عَنِ النَّبِيِّ Object أَنَّهُ مَنْسُوخٌ)، يُرِيدُ بِذَلِكَ تَصْرِيحَ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ Object بِالنَّهْيِ عَنْهَا بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهَا، وَقَدْ بَسَطْنَاهُ فِي الْحَدِّ الْأَوَّلِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَسَخَ رَمَضَانُ كُلَّ صَوْمٍ، وَنَسَخَ الْمُتْعَةَ الطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: جَاءَ عَنِ الْأَوَائِلِ الرُّخْصَةُ فِيهَا، وَلَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ أَحَدًا يُجِيزُهَا إِلَّا بَعْضُ الرَّافِضَةِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلٍ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ.

وَقَالَ عِيَاضٌ: ثُمَّ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ مِنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِهَا إِلَّا الرَّوَافِضَ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: رَوَى أَهْلُ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِبَاحَةَ الْمُتْعَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ، وَإِجَازَةُ الْمُتْعَةِ عَنْهُ أَصَحُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ.

قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْآنَ أُبْطِلَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ، إِلَّا قَوْلَ زُفَرَ: إِنَّهُ جَعَلَهَا كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ Object: فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا. قُلْتُ: وَهُوَ فِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: تَحْرِيمُ الْمُتْعَةِ كَالْإِجْمَاعِ إِلَّا عَنْ بَعْضِ الشِّيعَةِ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي الرُّجُوعِ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ إِلَى عَلِيٍّ وَآلِ بَيْتِهِ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهَا نُسِخَتْ.

وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ: هِيَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيحْكي عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ جَوَازُهَا اهـ.

وَقَدْ نَقَلَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا بَعْدَ أَنْ رَوَى بِالْبَصْرَةِ فِي إِبَاحَتِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مَا حَكَاهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِنَ الْجَوَازِ خَطَأٌ، فَقَدْ بَالَغَ الْمَالِكِيَّةُ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ حَتَّى أَبْطَلُوا تَوْقِيتَ الْحِلِّ بِسَبَبِهِ فَقَالُوا: لَوْ عَلَّقَ عَلَى وَقْتٍ لَا بُدَّ مِنْ مَجِيئِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ تَوْقِيتٌ لِلْحِلِّ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ.

قَالَ عِيَاضٌ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْبُطْلَانِ التَّصْرِيحُ بِالشَّرْطِ، فَلَوْ نَوَى عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ يُفَارِقَ بَعْدَ مُدَّةٍ صَحَّ نِكَاحُهُ، إِلَّا الْأَوْزَاعِيُّ فَأَبْطَلَهُ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُحَدُّ نَاكِحُ الْمُتْعَةِ أَوْ يُعَزَّرُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَأْخَذُهُمَا أَنَّ الِاتِّفَاقَ بَعْدَ الْخِلَافَ هَلْ يُرْفَعُ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ زَمَنَ إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ لَمْ يَطُلْ وَأَنَّهُ حَرُمَ، ثُمَّ أَجْمَعَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى تَحْرِيمِهَا إِلَّا مَنْ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ مِنَ الرَّوَافِضِ. وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِتَفَرُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِبَاحَتِهَا، فَهِيَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ نُدْرَةُ الْمُخَالِفِ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَصْحَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ