أَطْلَقَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ نَحْوُ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ الْمَاضِيَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَقَيَّدَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ بِلَفْظِ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَصَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمْرَانَ عِنْدَهُ فَيُصَلِّي صَلَاةً وَفِي أُخْرَى لَهُ عَنْهُ فَيُصَلِّي الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَزَادَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا أَيِ الَّتِي سَبَقَتْهَا، وَفِيهِ تَقْيِيدٌ لِمَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَإِنَّ التَّقَدُّمَ خَاصٌّ بِالزَّمَانِ الَّذِي بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ حُمْرَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ فَيُتِمُّ الطَّهُورَ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ فَيُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُنَّ، وَتَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ، عَنْ حُمْرَانَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عُثْمَانَ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ لَمْ يَغْشَ الْكَبِيرَةَ، وَقَدْ بَيَّنْتُ تَوْجِيهَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَاضِحًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِحُمْرَانَ عَنْ عُثْمَانَ حَدِيثَيْنِ فِي هَذَا: أَحَدُهُمَا: مُقَيَّدٌ بِتَرْكِ حَدِيثِ النَّفْسِ وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْمَكْتُوبَةِ، وَالْآخَرُ: فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِتَرْكِ حَدِيثِ النَّفْسِ.
قَوْلُهُ (قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَا تَغْتَرُّوا) قَدَّمْتُ شَرْحَهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَحَاصِلُهُ: لَا تَحْمِلُوا الْغُفْرَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي جَمِيعِ الذُّنُوبِ فَتَسْتَرْسِلُوا فِي الذُّنُوبِ اتِّكَالًا عَلَى غُفْرَانِهَا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ هِيَ الْمَقْبُولَةُ، وَلَا اطِّلَاعَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، وظَهَرَ لِي جَوَابٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُكَفَّرَ بِالصَّلَاةِ هِيَ الصَّغَائِرُ فَلَا تَغْتَرُّوا فَتَعْمَلُوا الْكَبِيرَةَ بِنَاءً عَلَى تَكْفِيرِ الذُّنُوبِ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالصَّغَائِرِ، أَوْ لَا تَسْتَكْثِرُوا مِنَ الصَّغَائِرِ فَإِنَّهَا بِالْإِصْرَارِ تُعْطَى حُكْمَ الْكَبِيرَةِ فَلَا يُكَفِّرُهَا مَا يُكَفِّرُ الصَّغِيرَةَ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِأَهْلِ الطَّاعَةِ فَلَا يَنَالُهُ مَنْ هُوَ مُرْتَبِكٌ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٩ - بَاب ذَهَابِ الصَّالِحِينَ، وَيُقَالُ: الذِّهَابُ الْمَطَرُ.
٦٤٣٤ - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مِرْدَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ، الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ أَوْ التَّمْرِ، لَا يُبَالِيهِمْ اللَّهُ بَالَةً.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: يُقَالُ حُفَالَةٌ وَحُثَالَةٌ.
قَوْلُهُ (بَابُ ذَهَابِ الصَّالِحِينَ) أَيْ مَوْتُهُمْ.
قَوْلُهُ (وَيُقَالُ الذَّهَابُ الْمَطَرُ) ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَحْدَهُ، وَمُرَادُهُ أَنَّ لَفْظَ الذَّهَابِ مُشْتَرَكٌ عَلَى الْمُضِيِّ وَعَلَى الْمَطَرِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الذَّهَابُ الْأَمْطَارُ اللَّيِّنَةُ وَهُوَ جَمْعُ ذِهْبَةٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ.
قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ) هُوَ مِنْ قُدَمَاءِ مَشَايِخِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ.
قَوْلُهُ (عَنْ بَيَانٍ) بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ وَهُوَ ابْنُ بِشْرٍ، وَقَيْسٌ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَمِرْدَاسٌ الْأَسْلَمِيُّ هُوَ ابْنُ مَالِكٍ، زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَهِيَ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ بَيَانٍ، وَتَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَيِ الَّذِينَ بَايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْوُحْدَانِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَوَقَعَ فِي التَّهْذِيبِ لِلْمِزِّيِّ فِي تَرْجَمَةِ مِرْدَاسٍ هَذَا أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ زِيَادُ بْنُ عَلَاقَةَ أَيْضًا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ مِرْدَاسٌ آخَرُ أَفْرَدَهُ أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute