للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَسَّانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) يَأْتِي فِي الْأَدَبِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُنْسَأُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ أَيْ: يُؤَخَّرُ لَهُ، وَالْأَثَرُ هُنَا بَقِيَّةُ الْعُمُرِ قَالَ زُهَيْرٌ:

وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلُ … لَا يَنْتَهِي الطَّرْفُ حَتَّى يَنْتَهِي الْأَثَرُ

وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَى الْبَسْطِ فِي الرِّزْقِ الْبَرَكَةُ فِيهِ، وَفِي الْعُمُرِ حُصُولُ الْقُوَّةِ فِي الْجَسَدِ؛ لِأَنَّ صِلَةَ أَقَارِبِهِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ تُرَبِّي الْمَالَ وَتَزِيدُ فِيهِ فَيَنْمُو بِهَا وَيَزْكُو؛ لِأَنَّ رِزْقَ الْإِنْسَانِ يُكْتَبُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَلِذَلِكَ احْتِيجَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، أَوِ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْتَبُ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ كَأَنْ يُقَالَ: إِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِلَّا فَكَذَا، أَوِ الْمَعْنَى بَقَاءُ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَأَغْرَبَ الْحَكِيمُ، التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ قِلَّةُ الْبَقَاءِ فِي الْبَرْزَخِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُكْتَبَ أَجَلُ الْعَبْدِ مِائَةَ سَنَةٍ وَتَزْكِيَتُهُ عِشْرِينَ فَإِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ زَادَ التَّزْكِيَةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَكْتُوبُ عِنْدَ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ غَيْرُ الْمَعْلُومِ عِنْدَ اللَّهِ ﷿، فَالْأَوَّلُ يَدْخُلُ فِيهِ التَّغْيِيرُ. وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى الظَّوَاهِرِ وَالْمَعْلُومِ، والْبَاطِنُ خَفِيٌّ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، فَذَلِكَ الظَّاهِرُ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ هُوَ الَّذِي يَدْخُلُهُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ وَالْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ إِبْلَاغُ ذَلِكَ إِلَى الْمُكَلَّفِ لِيَعْلَمَ فَضْلَ الْبِرِّ وَشُؤْمَ الْقَطِيعَةِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطَةً فِي كِتَابِ الْقَدَرِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى إِيثَارِ الْغِنَى عَلَى الْفَقْرِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١٤ - بَاب شِرَاءِ النَّبِيِّ بِالنَّسِيئَةِ

٢٠٦٨ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.

[الحديث ٢٠٦٨ - أطرافه في: ٢٠٩٦، ٢٢٠٠، ٢٢٥١، ٢٢٥٢، ٢٢٨٦، ٢٥٠٩، ٢٥١٣، ٢٩١٦، ٤٤٦٧،]

٢٠٦٩ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ بُرٍّ وَلَا صَاعُ حَبٍّ وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ"

[الحديث ٢٠٩٦ - طرفه في: ٢٥٠٨]

قَوْلُهُ: (بَابُ شِرَاءِ النَّبِيِّ بِالنَّسِيئَةِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ أَيْ: بِالْأَجَلِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الشِّرَاءُ بِالنَّسِيئَةِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ.

قُلْتُ: لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَخَيَّلَ أَنَّ أَحَدًا يَتَخَيَّلُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِالنَّسِيئَةِ لِأَنَّهَا دَيْنٌ فَأَرَادَ دَفْعَ ذَلِكَ التَّخَيُّلِ، وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ فِي أَنَّهُ اشْتَرَى شَعِيرًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَ عَلَيْهِ دِرْعَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا