ابْنِ أَبْزَى فَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَأَوْرَدَ مِثْلَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقٍ لِلْعَوْفِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى (مُسَوَّمَةٍ) مُرْعَاةً، مِنْ أَسَمْتُهَا فَصَارَتْ سَائِمَةً.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَحَصُورًا لَا يَأْتِي النِّسَاءَ) وَقَعَ هَذَا بَعْدَ ذِكْرِ الْمُسَوَّمَةِ، وَصَلَهُ الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِهِ، وَأَصْلُ الْحَصْرِ الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ، يُقَالُ لِمَنْ لَا يَأْتِي النِّسَاءَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِطَبْعِهِ كَالْعِنِّينِ أَوْ بِمُجَاهِدَةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمَمْدُوحُ وَالْمُرَادُ فِي وَصْفِ السَّيِّدِ يَحْيَى ﵇.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مِنْ فَوْرِهِمْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا﴾ قَالَ: فَوْرُهُمْ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ غَضِبُوا لِيَوْمِ بَدْرٍ بِمَا لَقُوا، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِمْ: ﴿مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا﴾ قَالَ مِنْ وُجُوهِهِمْ هَذَا، وَأَصْلُ الْفَوْرِ الْعَجَلَةُ وَالسُّرْعَةُ، وَمِنْهُ فَارَتِ الْقِدْرُ، يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْغَضَبِ لِأَنَّ الْغَضْبَانَ يُسَارِعُ إِلَى الْبَطْشِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) النُّطْفَةُ تَخْرُجُ مَيِّتَةً وَيَخْرُجُ مِنْهَا الْحَيُّ) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ قَالَ: النَّاسُ الْأَحْيَاءُ مِنَ النُّطَفِ الْمَيِّتَةِ وَالنُّطَفُ الْمَيِّتَةُ مِنَ النَّاسِ الْأَحْيَاءِ.
قَوْلُهُ: (الْإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِيُّ مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ) وَقَعَ هَذَا أَيْضًا عِنْدَ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ.
[٣ - سورة آل عمران]
١ - بَاب ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ يُصَدِّقُ بَعْضُهُا بَعْضًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ﴾ وَكَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ وَكَقَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾، ﴿زَيْغٌ﴾ شَكٌّ، ﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾ الْمُشْتَبِهَاتِ، ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ يَعْلَمُونَ تأويله، و ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾
٤٥٤٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَة: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ - إلى قوله - ﴿أُولُو الأَلْبَابِ﴾ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ.
قَوْلُهُ: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ﴾ وَكَقَوْلِهِ: ﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ وَكَقَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ هَكَذَا وَقَعَ فِيهِ، وَفِيهِ تَغْيِيرٌ وَبِتَحْرِيرِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ قَرِيبًا إِلَى مُجَاهِدٍ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾ قَالَ: مَا فِيهِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْهُ مُتَشَابِهٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ﴾ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ: (زَيْغٌ: شَكٌّ ﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾ الْمُشْتَبِهَاتُ) هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ كَذَلِكَ وَلَفْظُهُ وَأَمَّا