للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبِي بَكْرَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ فَاحِشٌ. قُلْتُ: وَافَقَ الْأَصِيلِيُّ لَكِنْ صَحَّفَ عَنْ فَصَارَتْ ابْنُ فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بِفُحْشِ الْوَهْمِ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ هُنَا فِي بَابِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي عَلَى الصَّوَابِ لِلْجَمَاعَةِ أَيْضًا حَتَّى الْأَصِيلِيِّ، وَاسْتَمَرَّ الْقَابِسِيُّ عَلَى وَهْمِهِ فَقَالَ هُنَاكَ أَيْضًا: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ.

رَابِعُهَا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فِي قِصَّتِهِ مَعَ أَرْوَى بِنْتِ أُنَيْسٍ فِي مُخَاصَمَتِهَا لَهُ فِي الْأَرْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ.

قَوْلُهُ: (كَهَيْئَتِهِ) الْكَافُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ اسْتَدَارَ اسْتِدَارَةً مِثْلَ صِفَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاءَ. وَالزَّمَانُ اسْمٌ لِقَلِيلِ الْوَقْتِ وَكَثِيرِهِ، وَزَعَمَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي كِتَابِهِ تَفْضِيلُ الْأَزْمِنَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ صَدَرَتْ مِنَ النَّبِيِّ فِي شَهْرِ مَارْسَ وَهُوَ آذَارُ وَهُوَ بَرْمَهَاتُ بِالْقِبْطِيَّةِ، وَفِيهِ يَسْتَوِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ عِنْدَ حُلُولِ الشَّمْسِ بُرْجَ الْحَمَلِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ) أَيِ ابْنِ عُرْوَةَ (عَنْ أَبِيهِ قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ) أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانَ لِقَاءِ عُرْوَةَ، سَعِيدًا، وَقَدْ لَقِيَ عُرْوَةُ مَنْ هُوَ أَقْدَمُ وَفَاةً مِنْ سَعِيدٍ كَوَالِدِهِ الزُّبَيْرِ، وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا.

٣ - بَاب فِي النُّجُومِ

وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿هَشِيمًا﴾ مُتَغَيِّرًا، وَالْأَبُّ: مَا يَأْكُلُ الْأَنْعَامُ، وَالْأَنَامُ الْخَلْقُ، ﴿بَرْزَخٌ﴾ حَاجِبٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿أَلْفَافًا﴾ مُلْتَفَّةً، وَالْغُلْبُ: الْمُلْتَفَّةُ، ﴿فِرَاشًا﴾ مِهَادًا، كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾، ﴿نَكِدًا﴾ قَلِيلًا.

قَوْلُهُ: (بَابٌ فِي النُّجُومِ وَقَالَ قَتَادَةُ إِلَخْ) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ عَنْهُ بِهِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَأَنَّ نَاسًا جَهَلَةً بِأَمْرِ اللَّهِ قَدْ أَحْدَثُوا فِي هَذِهِ النُّجُومِ كِهَانَةً: مَنْ غَرَسَ بِنَجْمِ كَذَا كَانَ كَذَا وَمَنْ سَافَرَ بِنَجْمِ كَذَا كَانَ كَذَا وَلَعَمْرِي مَا مِنَ النُّجُومِ نَجْمٌ إِلَّا وَيُولَدُ بِهِ الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْحَسَنُ وَالدَّمِيمُ، وَمَا عِلْمُ هَذِهِ النُّجُومِ وَهَذِهِ الدَّابَّةِ وَهَذَا الطَّائِرِ شَيْء مِنْ هَذَا الْغَيْبِ، انْتَهَى. وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ إِيرَادِ الْمُصَنِّفِ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا مِنَ الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُ بَعْضِهَا وَقَعَ اسْتِطْرَادًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الدَّاوُدِيُّ: قَوْلُ قَتَادَةَ فِي النُّجُومِ حَسَنٌ، إِلَّا قَوْلَهُ: أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ، بَلْ قَائِلُ ذَلِكَ كَافِرٌ انْتَهَى. وَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْكُفْرُ فِي حَقِّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَكْفُرُ مَنْ نَسَبَ الِاخْتِرَاعَ إِلَيْهَا، وَأَمَّا مَنْ جَعَلَهَا عَلَامَةً عَلَى حُدُوثِ أَمْرٍ فِي الْأَرْضِ فَلَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِيمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا﴾ الضَّمِيرُ لِلسَّمَاءِ؛ أَيْ وَجَعَلْنَا شُهُبَهَا رُجُومًا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، فَصَارَ الضَّمِيرُ لِلْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَذَكَرَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: النُّجُومُ كُلُّهَا مُعَلَّقَةٌ كَالْقَنَادِيلِ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَتَعْلِيقِ الْقَنَادِيلِ فِي الْمَسَاجِدِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ﴿هَشِيمًا﴾ مُتَغَيِّرًا) لَمْ أَرَهُ عَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ مَوْصُولَةٍ. لَكِنْ ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ: ﴿هَشِيمًا﴾ أَيْ يَابِسًا مُتَفَتِّتًا، وَ ﴿تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ أَيْ تُفَرِّقُهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَبُّ مَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ) هُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ قَالَ: الْأَبُّ