ﷺ جُنْدُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ جُنْدُبٌ انْتَهَى.
وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُصَنِّفُ، وَالسَّائِلُ لَهُ الْفَرَبْرِيُّ، وَقَدْ خَلَتْ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ سِيقَ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي أَوْرَدْتُهَا مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ جُنْدُبًا هُوَ الْقَائِلُ، وَلَيْسَ فِيمَنْ سُمِّيَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ.
١٠ - بَاب الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِي الطَّرِيقِ
وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الطَّرِيقِ، وَقَضَى الشَّعْبِيُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ
٧١٥٣ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِيُّ ﷺ خَارِجَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ فقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِن أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِي الطَّرِيقِ) كَذَا سَوَّى بَيْنَهُمَا، وَالْأَثَرَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي التَّرْجَمَةِ صَرِيحَانِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الْفُتْيَا فَيَلْحَقُ بِهِ الْحُكْمُ.
قَوْلُهُ (وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ هُوَ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ الْمَشْهُورُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَانْتَقَلَ إِلَى مَرْوَ بِأَمْرِ الْحَجَّاجِ، فَوَلِيَ قَضَاءَ مَرْوَ لِقُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَصَاحَةِ وَالْوَرَعِ. قَالَ الْحَاكِمُ: قَضَى فِي أَكْثَرِ مُدُنِ خُرَاسَانَ، وَكَانَ إِذَا تَحَوَّلَ إِلَى بَلَدٍ اسْتُخْلِفَ فِي الَّتِي انْتَقَلَ مِنْهَا. قَوْلُهُ (فِي الطَّرِيقِ) وَصَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ شَبَابَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ عَلَى الْقَضَاءِ بِمَرْوَ، فَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ يَقْضِي فِي السُّوقِ وَفِي الطَّرِيقِ، وَرُبَّمَا جَاءَهُ الْخَصْمَانِ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ رَأَى يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ يَقْضِي فِي الطَّرِيقِ.
قَوْلُهُ: (وَقَضَى الشَّعْبِيُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ) قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يَقْضِي عِنْدَ بَابِ الْفِيلِ بِالْكُوفَةِ. وَأَخْرَجَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي الْقَضَاءِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَلِيًّا قَضَى فِي السُّوقِ. وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَتَظَلَّمُوا مَنْ كَرَى لَهُمْ، فَنَزَلَ فَقَضَى بَيْنَهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَمَضَى إِلَى مَنْزِلِهِ.
ثم ذكر حَدِيثَ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَنَسٍ فِي الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ مَتَى السَّاعَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَالِمٍ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ مَشْرُوحًا، وَقَوْلُهُ هُنَا: فَلَقِينَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ السُّدَّةُ بِضَمِّ السِّينِ وَتَشدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ هِيَ بَابُ الدَّارِ وَقِيلَ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: السُّدِّيُّ لِأَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الْمَقَانِعَ عِنْدَ سُدَّةِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَهِيَ مَا يَبْقَى مِنَ الطَّاقِ الْمَسْدُودِ، وَقِيلَ هِيَ الْمِظَلَّةُ عَلَى الْبَابِ لِوِقَايَةِ الْمَطَرِ وَالشَّمْسِ وَقِيلَ هِيَ الْبَابُ نَفْسُهُ وَقِيلَ عَتَبَتُهُ، وَقِيلَ السَّاحَةُ أَمَامَ الْبَابِ. وَقَوْلُهُ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ عَدَّدْتُ وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ مِثْلُ ﴿جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ﴾ أَيْ هَيَّأَهُ، وَقَوْلُهُ اسْتَكَانَ أَيْ خَضَعَ وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ السُّكُونِ الدَّالِّ عَلَى الْخُضُوعِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: لَعَلَّ سَبَبَ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَنِ السَّاعَةِ إِشْفَاقًا مِمَّا يَكُونُ فِيهَا، وَلَوْ سَأَلَ اسْتِعْجَالًا لَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا﴾ وَقَوْلُهُ كَبِيرَ عَمَلٍ بِالْمُوَحَّدَةِ لِلْأَكْثَرِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ لِبَعْضِهِمْ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي حَدِيثِ أَنَسٍ جَوَازُ سُكُوتِ الْعَالِمِ عَنْ جَوَابِ السَّائِلِ وَالْمُسْتَفْتِي إِذَا كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ لَا تُعْرَفُ، أَوْ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute