(حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ) هُوَ الْفَلَّاسُ، وَالْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ: مَا حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَشْمَلُ حَالَةَ جُلُوسِهِ وَغَيْرِهَا.
٤١ - بَاب مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: الْجَزَعُ: الْقَوْلُ السَّيِّئُ وَالظَّنُّ السَّيِّئُ
وَقَالَ يَعْقُوبُ ﵇: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾
١٣٠١ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ يَقُولُ: اشْتَكَى ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا، وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ: كَيْفَ الْغُلَامُ؟ قَالَتْ: قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ، وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ. قَالَ: فَبَاتَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ ﷺ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا. قَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ.
[الحديث ١٣٠١ - طرفه في: ٥٤٧٠]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَيُظْهِرُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ. وَحُزْنَهُ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ) يَعْنِي الْقُرَظِيَّ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا ظَاءٌ مُشَالَةٌ.
قَوْلُهُ: (السَّيِّئُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا أُخْرَى مَهْمُوزَةٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ: مَا يَبْعَثُ الْحُزْنَ غَالِبًا، وَبِالظَّنِّ السَّيِّئِ: الْيَأْسُ مِنْ تَعْوِيضِ اللَّهِ الْمُصَابَ فِي الْعَاجِلِ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنَ الْفَائِتِ، أَوِ الِاسْتِبْعَادُ لِحُصُولِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الصَّبْرِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ سَأَلَ، مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ هَذَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ يَعْقُوبُ ﵇: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ قَوْلَ يَعْقُوبَ لَمَّا تَضَمَّنَ أَنَّهُ لَا يَشْكُو - بِتَصْرِيحٍ وَلَا تَعْرِيضٍ - إِلَّا لِلَّهِ وَافَقَ مَقْصُودَ التَّرْجَمَةِ، وَكَانَ خِطَابُهُ بِذَلِكَ لِبَنِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: (يَا أَسْفَى عَلَى يُوسُفَ). وَالْبَثُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ ثَقِيلَةٌ: شِدَّةُ الْحُزْنِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ) هُوَ النَّيْسَابُورِيُّ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ: يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ. انْتَهَى. يَعْنِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَلَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْبُخَارِيِّ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ أَخُو إِسْحَاقَ الْمَذْكُورِ عَنْ أَنَسٍ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَنَسٍ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا وَابْنُ حِبَّانَ، وَالطَّيَالِسِيُّ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا. وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ مَا لَيْسَ فِي رِوَايَةِ بَعْضٍ، وَسَأَذْكُرُ مَا فِي كُلٍّ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.