وَقَعَتْ لِبَنِي النَّضِيرِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ بَيْعَ الْأَرْضِ مِنْ عُمُومِ بَيْعِ الْمَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْخِيَارِ فِي قِصَّةِ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ إِطْلَاقُ الْمَالِ عَلَى الْأَرْضِ، وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ عَنِ الْإِشَارَةِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: إِنَّمَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ مُقْتَضِبًا؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يَثْبُتِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَلَى شَرْطِهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ اكْتَفَى هُنَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ؛ لِاتِّحَادِ مَخْرَجِهِ عِنْدَهُ، فَفَرَّ مِنْ تَكْرَارِ الْحَدِيثِ عَلَى صُورَتِهِ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ، كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ عَادَتِهِ.
١٠٨ - بَاب بَيْعِ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً
وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرًا مِنْ الْبَعِيرَيْنِ. وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا وَقَالَ: آتِيكَ بِالْآخَرِ غَدًا رَهْوًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ؛ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بِبَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ ودرهم بدرهم نَسِيئَةً
٢٢٢٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: كَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الْعَبْدِ وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً) التَّقْدِيرُ: بَيْعُ الْعَبْدِ بِالْعَبْدِ نَسِيئَةً، وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْعَبْدِ جِنْسَ مَنْ يُسْتَعْبَدُ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ قِصَّةَ صَفِيَّةَ، أَوْ أَشَارَ إِلَى إِلْحَاقِ حُكْمِ الذَّكَرِ بِحُكْمِ الْأُنْثَى فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ الْفَرْقِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْجَوَازِ، لَكِنْ شَرَطَ مَالِكٌ أَنْ يَخْتَلِفَ الْجِنْسُ، وَمَنَعَ الْكُوفِيُّونَ وَأَحْمَدُ مُطْلَقًا؛ لِحَدِيثِ سَمُرَةَ الْمُخَرَّجِ فِي السُّنَنِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ، وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَالطَّحَاوِيِّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، فَرَجَّحَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِرْسَالَهُ، وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ وَإِسْنَادُهُ لَيِّنٌ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَاحْتُجَّ لِلْجُمْهُورِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا - وَفِيهِ - فَابْتَاعَ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ، بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ هُنَا بِقِصَّةِ صَفِيَّةَ وَاسْتَشْهَدَ بِآثَارِ الصَّحَابَةِ.
قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةِ. . الْحَدِيثَ) وَصَلَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى نَاقَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ بِالرَّبَذَةِ فَقَالَ لِصَاحِبِ النَّاقَةِ: اذْهَبْ فَانْظُرْ فَإِنْ رَضِيتَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَقَوْلُهُ: رَاحِلَةً أَيْ: مَا أَمْكَنَ رُكُوبُهُ مِنَ الْإِبِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَقَوْلُهُ: مَضْمُونَةً صِفَةُ رَاحِلَةٍ أَيْ: تَكُونُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يُوفِيَهَا، أَيْ: يُسَلِّمَهَا لِلْمُشْتَرِي، وَالرَّبَذَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرًا مِنَ الْبَعِيرَيْنِ) وَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ بَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ فَقَالَهُ.
قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute