للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(تَنْبِيهٌ): قَدَّمَ حَدِيثَ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَتَبَ عَنِ النَّبِيِّ وَيَطْرُقُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا كَتَبَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ وَلَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ، وَثَنَّى بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْكِتَابَةِ وَهُوَ بَعْدَ النَّهْيِ فَيَكُونُ نَاسِخًا، وَثَلَّثَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَدْ بَيَّنْتُ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِذْنَ النَّبِيِّ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ أَقْوَى فِي الِاسْتِدْلَالِ لِلْجَوَازِ مِنَ الْأَمْرِ أَنْ يَكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِمَنْ يَكُونُ أُمِّيًّا أَوْ أَعْمَى، وَخَتَمَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ هَمَّ أَنْ يَكْتُبَ لِأُمَّتِهِ كِتَابًا يَحْصُلُ مَعَهُ الْأَمْنُ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ لَا يَهُمُّ إِلَّا بِحَقٍّ.

٤٠ - بَاب الْعِلْمِ وَالْعِظَةِ بِاللَّيْلِ

١١٥ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَمْرٍو، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنْ الْخَزَائِنِ. أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ.

[الحديث ١١٥ - أطرافه في: ٧٠٦٩، ٦٢١٨، ٥٨٤٤، ٣٥٩٩، ١١٢٦]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْعِلْمِ) أَيْ: تَعْلِيمِ الْعِلْمِ بِاللَّيْلِ، وَالْعِظَةُ تَقَدَّمَ أَنَّهَا الْوَعْظُ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعِشَاءِ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يَكُونُ فِي الْخَيْرِ.

قَوْلُهُ: (صَدَقَةُ) هُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ هِنْدٍ) هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَدَلُهَا عَنِ امْرَأَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَعَمْرٌو) كَذَا فِي رِوَايَتِنَا بِالرَّفْعِ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ ثُمَّ قَالَ: وَعَمْرٌو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ، فَعَلَى رِوَايَةِ الْكَسْرِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْمَرٍ، وَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ يَكُونُ اسْتِئْنَافًا كَأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَ بِحَذْفِ صِيغَةِ الْأَدَاءِ وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذَلِكَ. وَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ عَنِ الثَّلَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ هُوَ الْقَطَّانُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَلَا لَقِيَهُ. وَوَقَعَ فِي غَيْرِ رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ امْرَأَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ: عَنْ هِنْدٍ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ رُبَّمَا أَبْهَمَهَا وَرُبَّمَا سَمَّاهَا. وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ هِنْدًا وَلَا أُمَّ سَلَمَةَ.

قَوْلُهُ: (سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا) مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِمَعْنَى التَّعَجُّبِ وَالتَّعْظِيمِ، وَعَبَّرَ عَنِ الرَّحْمَةِ بِالْخَزَائِنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ﴾ وَعَنِ الْعَذَابِ بِالْفِتَنِ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابُهُ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا نَكِرَةً مَوْصُوفَةً.

قَوْلُهُ: (أُنْزِلَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْزَلَ اللَّهُ بِإِظْهَارِ الْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِنْزَالِ إِعْلَامُ الْمَلَائِكَةِ بِالْأَمْرِ الْمَقْدُورِ، أَوْ أَنَّ النَّبِيَّ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي نَوْمِهِ ذَاكَ بِمَا سَيَقَعُ بَعْدَهُ مِنَ الْفِتَنِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِنْزَالِ.

قَوْلُهُ: (وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ) قَالَ الدَّاوُدِيُّ: الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ، وَالشَّيْءُ قَدْ يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ تَأْكِيدًا ; لِأَنَّ مَا يُفْتَحُ مِنَ الْخَزَائِنِ يَكُونُ سَبَبًا لِلْفِتْنَةِ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَزَائِنِ خَزَائِنُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا فُتِحَ عَلَى الصَّحَابَةِ ; لَكِنَّ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ الْخَزَائِنِ وَالْفِتَنِ أَوْضَحُ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ، وَكَمْ مِنْ نَائِلٍ مِنْ تِلْكَ الْخَزَائِنِ سَالِمٌ مِنَ الْفِتَنِ.

قَوْلُهُ: (صَوَاحِبَاتُ الْحُجَرِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ حُجْرَةٍ وَهِيَ مَنَازِلُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ وَإِنَّمَا خَصَّهُنَّ بِالْإِيقَاظِ؛ لِأَنَّهُنَّ الْحَاضِرَاتُ حِينَئِذٍ، أَوْ مِنْ بَابِ ابْدَأْ بِنَفْسِكِ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ.

قَوْلُهُ: (فَرُبَّ كَاسِيَةٍ) اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّ رُبَّ فِي الْغَالِبِ لِلتَّكْثِيرِ ; لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لِلنِّسَاءِ، وَهُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ