هَذَا الْحَصْرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَقَدْ عَلِمَ ﷺ بِحَالِهِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ تَزَكَّى وَنَفَّعَتْهُ الذِّكْرَى.
قَوْلُهُ: (حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ أَيُّمَا حِفْظٍ) بِرَفْعِ أَيُّ وَمَا زَائِدَةٌ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ حِفْظٌ وَمِنَ الزُّهْرِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِـ حَفِظْنَاهُ، وَرُوِيَ بِنَصْبِ أَيَّمَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِحَفِظَ الْمُقَدَّرِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ) تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ بِلَفْظِ: قَامَ بَدَلَ صَامَ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَزَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَتِهِ هُنَا وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ. . . إِلَخْ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ) وَصَلَهُ الذُّهْلِيُّ فِي الزَّهْرِيَّاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَرِيبًا.
٢ - بَاب الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ
٢٠١٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ.
٢٠١٦ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَكَانَ لِي صَدِيقًا فَقَالَ اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَخَطَبَنَا وَقَالَ إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلْيَرْجِعْ فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ"
قَوْلُهُ: (بَابُ الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: الْتَمِسُوا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ. وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَالَّتِي بَعْدَهَا - وَهِيَ تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ - مَعْقُودَتَانِ لِبَيَانِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى مَذَاهِبَ كَثِيرَةٍ سَأَذْكُرُهَا مُفَصَّلَةً بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ شَرْحِ أَحَادِيثِ الْبَابَيْنِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ.
قَوْلُهُ: (أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ) أُرُوا بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ: قِيلَ لَهُمْ فِي الْمَنَامِ: إِنَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَاخِرُ الشَّهْرِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ السَّبْعُ الَّتِي أَوَّلُهَا لَيْلَةُ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ وَآخِرُهَا لَيْلَةُ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَدْخُلُ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَا ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَعَلَى الثَّانِي تَدْخُلُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَلَا تَدْخُلُ لَيْلَةُ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَقَدْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّعْبِيرِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ نَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، وَإِنَّ نَاسًا أُرُوا أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ وَكَأَنَّهُ ﷺ نَظَرَ إِلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَأَمَرَ بِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي فِي الْوِتْرِ مِنْهَا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: إِنْ غُلِبْتُمْ فَلَا تُغْلَبُوا فِي السَّبْعِ الْبَوَاقِي وَلِمُسْلِمٍ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: مَنْ