فَيَقُولُونَ: لَا. فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ. فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ. فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَقْتُلُهُ فَلَا أُسَلَّطُ عَلَيْهِ.
[الحديث ١٨٨٢ - طرفه في: ٧١٣٢]
قَوْلُهُ: (بَابٌ لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ) أَوْرَدَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ، الْأَوَّلُ: حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْفِتَنِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ جَدِّهِ) هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ بَابٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: لِكُلِّ بَابٍ.
الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَوْلُهُ: (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ) جَمْعُ نَقَبٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْقَافِ، بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ اللَّذَيْنِ بَعْدَهُ عَلَى نِقَابِهَا جَمْعُ نَقْبٍ بِالسُّكُونِ وَهُمَا بِمَعْنًى. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: الْمُرَادُ بِهَا الْمَدَاخِلُ، وَقِيلَ: الْأَبْوَابُ. وَأَصْلُ النَّقْبِ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَقِيلَ: الْأَنْقَابُ الطُّرُقُ الَّتِي يَسْلُكُهَا النَّاسُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ﴾ قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ) سَيَأْتِي فِي الطِّبِّ بَيَانُ مَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَكَّةَ.
الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ: قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو) هُوَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ) هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَشَذَّ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: الْمُرَادُ ألَّا يَدْخُلُهُ بَعْثُهُ وَجُنُودُهُ، وَكَأَنَّهُ اسْتَبْعَدَ إِمْكَانَ دُخُولِ الدَّجَّالِ جَمِيعَ الْبِلَادِ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ، وَغَفَلَ عَمَّا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ بَعْضَ أَيَّامِهِ يَكُونُ قَدْرَ السَّنَةِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ) أَيْ: يَحْصُلُ لَهَا زَلْزَلَةٌ بَعْدَ أُخْرَى ثُمَّ ثَالِثَةٌ حَتَّى يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ لَيْسَ مُخْلِصًا فِي إِيمَانِهِ وَيَبْقَى بِهَا الْمُؤْمِنُ الْخَالِصُ، فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ الدَّجَّالُ. وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ الْمَاضِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّعْبِ مَا يَحْدُثُ مِنَ الْفَزَعِ مِنْ ذِكْرِهِ وَالْخَوْفِ مِنْ عُتُوِّهُ، لَا الرَّجْفَةُ الَّتِي تَقَعُ بِالزَّلْزَلَةِ لِإِخْرَاجِ مَنْ لَيْسَ بِمُخْلِصٍ. وَحَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ أَنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِنَاسٍ وَبِزَمَانٍ، فَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الزَّمَانُ هُوَ الْمُرَادَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُرَادًا نَفْيُ غَيْرِهِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: قَوْلُهُ: (بَعْضُ السِّبَاخِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْفِتَنِ. وَحَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِعْلَامُهُ ﷺ أَنَّ الدَّجَّالَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا الرُّعْبُ مِنْهُ كَمَا مَضَى.
١٠ - بَاب الْمَدِينَةُ تَنْفِي الْخَبَثَ
١٨٨٣ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ ﵁: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى النَّبِيّ ﷺ فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَجَاءَ مِنْ الْغَدِ مَحْمُومًا فَقَالَ: أَقِلْنِي. فَأَبَى ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَقَالَ: الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا.
[الحديث ١٨٨٣ - أطرافه في: ٧٢٠٩، ٧٢١١، ٧٢١٦، ٧٣٢٢]
١٨٨٤ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ﵁ يَقُولُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لَا نَقْتُلُهُمْ فَنَزَلَتْ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَقال النبي ﷺ: "إِنَّهَا تَنْفِي