للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّذْرِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ عَنِ النَّذْرِ ثُمَّ يَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ عَنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا) فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ: أَفَيُجْزِئُ عَنْهَا أَنْ أَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (أَرَأَيْتَ. . . إِلَخْ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِيَاسِ وَضَرْبُ الْمَثَلِ لِيَكُونَ أَوْضَحَ وَأَوْقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ، وَأَقْرَبَ إِلَى سُرْعَةِ فَهْمِهِ، وَفِيهِ تَشْبِيهُ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ وَأَشْكَلَ بِمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُفْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى وَجْهِ الدَّلِيلِ إِذَا تَرَتَّبَتْ عَلَى ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ وَهُوَ أَطْيَبُ لِنَفْسِ الْمُسْتَفْتِي وَأَدْعَى لِإِذْعَانِهِ. وَفِيهِ أَنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ الْمَالِيِّ عَنِ الْمَيِّتِ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ مُقَرَّرًا، وَلِهَذَا حَسُنَ الْإِلْحَاقُ بِهِ. وَفِيهِ إِجْزَاءُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ: فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَنَحْوُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَعَنْ مَالِكٍ أَيْضًا إِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ فَلْيَحُجَّ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

قَوْلُهُ: (أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى الدَّيْنِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ قَاضِيَةً بِوَزْنِ فَاعِلَةٍ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ. وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُجَهِّزَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ دُيُونِهِ، فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ دَيْنَ الْآدَمِيِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ مَا شُبِّهَ بِهِ فِي الْقَضَاءِ، وَيَلْتَحِقُ بِالْحَجِّ كُلُّ حَقٍّ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ زَكَاةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي قَوْلِهِ: فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ، وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ خَلَّفَ مَالًا، فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْعِبَادِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْحَجَّ عَنْهُ وَالْجَامِعُ عِلَّةُ الْمَالِيَّةِ. قُلْتُ: وَلَمْ يَتَحَتَّمْ فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ خَلَّفَ مَالًا كَمَا زَعَمَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِمَّا خَلَّفَهُ أَوْ تَبَرُّعًا.

٢٣ - بَاب الْحَجِّ عَمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ

١٨٥٣ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ امْرَأَةً ح

١٨٥٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْحَجِّ عَمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) أَيْ: مِنَ الْأَحْيَاءِ، خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ، وَلِمَنْ قَالَ: لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مُطْلَقًا، كَابْنِ عُمَرَ. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ فِي الْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا النَّفْلُ فَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ) فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ رَوْحٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ فِي الِاسْتِئْذَانِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ.

قَوْلُهُ: (عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ) كَذَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَخَالَفَهُمَا مَالِكٌ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ عَنِ الْفَضْلِ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كُرَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَنِي