للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِوَايَةَ مَالِكٍ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ التِّينِ فَقَالَ: فِيهِ رِوَايَةُ صَحَابِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ لِأَنَّ ابْنَ

كَعْبٍ تَابِعِيٌّ وَابْنَ عُمَرَ صَحَابِيٌّ قُلْتُ: لَكِنْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّ ابْنَ كَعْبٍ حَدَّثَ ابْنَ عُمَرَ بِذَلِكَ فَحَمَلَهُ عَنْهُ نَافِعٌ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ رَاوِيهَا فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ كَعْبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا شَاذَّةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي فِي مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ لَا يَقْدَحُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، لَكِنِ الرَّاوِي الَّذِي لَمْ يُسَمَّ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِالطَّرِيقِ الْأُخْرَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا.

قَوْلُهُ (جَارِيَةً) وَفِي لَفْظٍ أَمَةً لَا يُنَافِي قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى امْرَأَةً لِأَنَّهَا أَعَمُّ، فَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ مَنْ زَادَ فِي رِوَايَتِهِ صِفَةً وَهِيَ كَوْنُهَا أَمَةً.

قَوْلُهُ (فَذَبَحَتْهَا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَذَكَّتْهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فَأَدْرَكَتْ ذَكَاتَهَا بِحَجَرٍ. قَوْلُهُ (فَسُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: كُلُوهَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ رِوَايَتِهِ تَعْيِينُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيهِ عَلَى الشَّكِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْحَدِيثِ تَصْدِيقُ الْأَجِيرِ الْأَمِينِ فِيمَا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ حَتَّى يَظْهَرَ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْخِيَانَةِ. وَفِيهِ جَوَازُ تَصَرُّفِ الْأَمِينِ كَالْمُودِعِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَةُ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ذَبَحَ الرَّاعِي شَاةً بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَقَالَ خَشِيتُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ أَمَةً لِصَاحِبِ الْغَنَمِ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَضْمِينُهَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مِلْكِهِ فَلَمْ يُنْقَلْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرَادَ تَضْمِينَهَا، وَكَذَا لَوْ أَنْزَى عَلَى الْإِنَاثِ فَحْلًا بِغَيْرِ إِذْنٍ فَهَلَكَتْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاحِ الْمَالِ، وَقَدْ أَوْمَأَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ إِلَى مُوَافَقَتِهِ حَيْثُ قَدَّمَ الْجَوَازَ بِقَصْدِ الْإِصْلَاحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ.

وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلُ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ وَلَوْ ضَمِنَ الذَّابِحُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ طَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الذَّبَائِحِ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَإِلَيْهِ جَنَحَ الْبُخَارِيُّ لِأَنَّهُ أَوْرَدَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي الْأَمْرِ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ وَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ، وَعُورِضَ بِحَدِيثِ الْبَابِ، وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ الشَّاةِ الَّتِي ذَبَحَتْهَا الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا فَامْتَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ أَكْلِهَا لَكِنَّهُ قَالَ أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى فَلَوْ لَمْ تَكُنْ ذَكِيَّةً مَا أَمَرَ بِإِطْعَامِهَا الْأُسَارَى. وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ مَا ذَبَحَتْهُ الْمَرْأَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، لِأَنَّهُ ﷺ أَمَرَ بِأَكْلِ مَا ذَبَحَتْهُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْبَابِ.

٢٠ - بَاب لَا يُذَكَّى بِالسِّنِّ وَالْعَظْمِ وَالظُّفُرِ

٥٥٠٦ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: كُلْ - يَعْنِي مَا أَنْهَرَ الدَّمَ - إِلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ.

قَوْلُهُ (بَابُ لَا يُذَكَّى بِالسِّنِّ وَالْعَظْمِ وَالظُّفُرِ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: السِّنُّ عَظْمٌ خَاصٌّ وَكَذَلِكَ الظُّفُرُ وَلَكِنَّهُمَا فِي الْعُرْفِ لَيْسَا بِعَظْمَيْنِ، وَكَذَا عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَذِكْرُ الْعَظْمِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ ثُمَّ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: تَرْجَمَ