للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحَجِّ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ فِي خُطْبَةِ النَّبِيِّ بِعَرَفَةَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ أَشَارَ إِلَيْهِ، وَاسْتَنْبَطَ الْحُكْمَ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ عَلَى شَرْطِهِ.

فَأَوْرَدَ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي الْحُلَّةِ السِّيَرَاءِ. وَقَوْلُهُ: (فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَجْهُ الْمُطَابَقَةِ أَنَّ الَّذِي حَصَلَ لِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ مِنَ الْحُلَّةِ قِطْعَةٌ فَرَضِيَتْ بِهَا اقْتِصَادًا بِحَسَبِ الْحَالِ لَا إِسْرَافًا، وَأَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ مَعَ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ كِسْوَتَهَا وُجُوبًا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْسُوَهَا مِنَ الثِّيَابِ كَذَا، وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يُحْمَلَ أَهْلُ الْبُلْدَانِ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا يَجْرِي فِي عَادَتِهُمْ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُهُ الزَّوْجُ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ لَهَا، وَعَلَى قَدْرِ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ، اهـ. وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي النَّفَقَةِ قَرِيبًا وَالْكِسْوَةُ فِي مَعْنَاهَا، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ سَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَوْلُهُ: آتَى إِلَيَّ النَّبِيُّ بِالْمَدِّ أَيْ: أَعْطَى، ثُمَّ ضَمَّنَ أَعْطَى مَعْنَى أَهْدَى أَوْ أَرْسَلَ لِذَلِكَ عَدَّاهُ بِإِلَيَّ وَهِيَ بِالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ بَعَثَ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ أَهْدَى وَلَا تَضْمِينَ فِيهَا، وَمَنْ قَرَأَ إِلَى بِالتَّخْفِيفِ بِلَفْظِ حَرْفِ الْجَرِّ وَأَتَى بِمَعْنَى جَاءَ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ: حُلَّةٌ سِيَرَاءُ بِالرَّفْعِ وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَأَعْطَانِيهَا فَلَبِسْتُهَا، إِلَى آخِرِهِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: ضُبِطَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَتَى بِالْقَصْرِ أَيْ: جَاءَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى جَاءَنِي النَّبِيُّ بِحُلَّةٍ فَحَذَفَ ضَمِيرَ الْمُتَكَلِّمِ وَحَذَفَ الْبَاءَ فَانْتَصَبَتْ، وَالْحُلَّةُ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَالسِّيَرَاءُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَبِالْمَدِّ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَرِيرِ.

وَقَوْلُهُ: بَيْنَ نِسَائِي يُوهِمُ زَوْجَاتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِينَئِذٍ زَوْجَةٌ إِلَّا فَاطِمَةَ، فَالْمُرَادُ بِنِسَائِهِ زَوْجَتُهُ مَعَ أَقَارِبِهِ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: بَيْنَ الْفَوَاطِمِ.

١٢ - بَاب عَوْنِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي وَلَدِهِ

٥٣٦٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: هَلَكَ أَبِي، وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ - أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ - فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ، فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ: لَكَ، أَوْ خَيْرًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ عَوْنِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي وَلَدِهِ) سَقَطَ فِي وَلَدِهِ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي تَزْوِيجِهِ الثَّيِّبَ لِتَقُومَ عَلَى أَخَوَاتِهِ وَتُصْلِحَهُنَّ، وَكَأَنَّهُ اسْتَنْبَطَ قِيَامَ الْمَرْأَةِ عَلَى وَلَدِ زَوْجِهَا مِنْ قِيَامِ امْرَأَةِ جَابِرٍ عَلَى أَخَوَاتِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَعَوْنُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي وَلَدِهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جَمِيلِ الْعِشْرَةِ، وَمِنْ شِيمَةِ صَالِحَاتِ النِّسَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى خِدْمَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا، هَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا أَمْ لَا قَرِيبًا.

١٣ - بَاب نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ

٥٣٦٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،