١ - بَاب التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ آيَةَ
٥٠٦٣ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ يَقُولُ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَدْ غُفِرَ الله لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا، فَأنا أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ، فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.
٥٠٦٤ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَا تَعُولُوا قَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِي الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِهَا فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فَيُكْمِلُوا الصَّدَاقَ وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ النِّسَاءِ"
قَوْلُهُ (بَابُ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ زَادَ الْأَصِيلِيُّ، وَأَبُو الْوَقْتِ الْآيَةَ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهَا صِيغَةُ أَمْرٍ تَقْتَضِي الطَّلَبَ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ النَّدْبُ فَثَبَتَ التَّرْغِيبُ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا دَلَالَةَ فِيهِ، لِأَنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ لِبَيَانِ مَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ مِنْ أَعْدَادِ النِّسَاءِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ انْتَزَعَ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرِ بِنِكَاحِ الطَّيِّبِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ الطَّيِّبِ وَنِسْبَةِ فَاعِلِهِ إِلَى الِاعْتِدَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا﴾ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي النِّكَاحِ، فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَيْسَ عِبَادَةً، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: هُوَ عِبَادَةٌ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا النِّكَاحُ - كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ - تَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ عِبَادَةً، فَمَنْ نَفَى نَظَرَ إِلَيْهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَمَنْ أَثْبَتَ نَظَرَ إِلَى الصُّورَةِ الْمَخْصُوصَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ.
الأول: حَدِيثُ أَنَسٍ، وَهُوَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لَكِنْ مِنْ طَرِيقَيْنِ إِلَى أَنَسٍ.
قَوْلُهُ (جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ) كَذَا فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ، وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا فَالرَّهْطُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ، وَالنَّفَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى تِسْعَةٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورِينَ هُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَعِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْعَدَنِيِّ كَانَ عَلِيٌّ فِي أُنَاسٍ مِمَّنْ أَرَادُوا أَنْ يُحَرِّمُوا الشَّهَوَاتِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الْمَائِدَةِ وَوَقَعَ فِي أَسْبَابِ الْوَاحِدِيِّ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ النَّاسَ وَخَوَّفَهُمْ، فَاجْتَمَعَ عَشَرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute