عَلَى النَّدْبِ فِيمَا خَفَّ مِنَ الْهَدَايَا وَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَرْكِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةَ أَبِي يُوسُفَ الْمَشْهُورَةَ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَتِ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ فَلَا يُخَصُّ الْقَلِيلُ مِنَ الْكَثِيرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ فَوَاضِحٌ، ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ دَيْنٌ فَقَالَ: اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَهَبَ لِصَاحِبِ السَّنِّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى حَقِّهِ وَلَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَهَذَا مَصِيرٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ إِلَى اتِّحَادِ حُكْمِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي هِبَةِ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ الْبِكْرَ الَّذِي كَانَ رَاكِبَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْبُيُوعِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرٌ كَمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ نَازَعَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِيهِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ إِلْحَاقَ الْمُشَاعِ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ الْمُشَاعِ، وَإِلْحَاقَ الْكَثِيرِ بِالْقَلِيلِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ.
٢٦ - باب إِذَا وَهَبَ بَعِيرًا لِرَجُلٍ وَهُوَ رَاكِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ
٢٦١١ - وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ وَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ بِعْنِيهِ فَابْتَاعَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا وَهَبَ بَعِيرًا لِرَجُلٍ وَهُوَ رَاكِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ) أَيْ وَتَنْزِلُ التَّخْلِيَةُ مَنْزِلَةَ النَّقْلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا فَتَصِحُّ الْهِبَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ إِلَخْ) وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ.
٢٧ - باب هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا
٢٦١٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ قَالَ: إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، فقَالَ: أَكَسَوْتَنِيهَا وَقُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا.
٢٦١٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا فَقَالَ: مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، فَأَتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ: لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ قَالَ: تُرْسِلي بِهِ إِلَى فُلَانٍ أَهْلِ بَيْتٍ فيهم حَاجَةٌ.