حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا، وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَخْلَدٍ رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيٍّ هَذَا فَسَمَّاهُ حُسَيْنًا بِالتَّصْغِيرِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ، وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ مَعَ حُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ النَّيْسَابُورِيِّ ثَلَاثَةً كُلٌّ مِنْهُمْ حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ وَكُلُّهُمْ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَوْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ كَرْهًا وَكُرْهًا وَاحِدٌ أَيْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِضَمِّهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ بِالضَّمِّ مَا أَكْرَهْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ وَبِالْفَتْحِ مَا أَكْرَهَكَ عَلَيْهِ غَيْرُكَ، وَوَقَعَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ كُرْهٌ وَكُرْهٌ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا، وَسَقَطَ لِلنَّسَفِيِّ أَصْلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَمْسَكَ امْرَأَتَهُ طَمَعًا أَنْ تَمُوتَ فَيَرِثَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، كَذَا قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ النَّصِّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ أَنْ لَا يَصِحَّ مِيرَاثُهُ مِنْهَا فِي الْحُكْمِ الظَّاهِرِ.
٦ - بَاب إِذَا اسْتُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
٦٩٤٩ - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنْ الْخُمُسِ فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى اقْتَضَّهَا، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ وَنَفَاهُ، وَلَمْ يَجْلِدْ الْوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا.
وقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْأَمَةِ الْبِكْرِ يَفْتَرِعُهَا الْحُرُّ: يُقِيمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنْ الْأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا وَيُجْلَدُ وَلَيْسَ فِي الْأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الْأَئِمَّةِ غُرْمٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
٦٩٥٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، دَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنْ الْمُلُوكِ - أَوْ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ - فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ أَرْسِلْ إِلَيَّ بِهَا، فَأَرْسَلَ بِهَا، فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا اسْتُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أَيْ لَهُنَّ: وَقَدْ قُرِئَ فِي الشَّاذِّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَنُسِبَتْ أَيْضًا لِابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمَحْفُوظُ عَنْهُ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ وَكَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ غَيْرِهِ، وَجَوَّزَ بَعْضُ الْمُعَرَّبِينَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ لَهُمْ أَيْ لِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ الْإِكْرَاهُ لَكِنْ إِذَا تَابَ، وَضُعِّفَ بِكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ التَّقْدِيرِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ لِأَجْلِ الرَّبْطِ، وَاسْتُشْكِلَ تَعْلِيقُ الْمَغْفِرَةِ لَهُنَّ لِأَنَّ الَّتِي تُكْرَهُ لَيْسَتْ آثِمَةً، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِكْرَاهُ الْمَذْكُورُ كَانَ دُونَ مَا اعْتُبِرَ شَرْعًا فَرُبَّمَا قَصَّرَتْ عَنِ الْحَدِّ الَّذِي تُعْذَرُ بِهِ فَتَأْثَمُ فَنَاسَبَ تَعْلِيقَ الْمَغْفِرَةِ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: الْإِكْرَاهُ لَا يُنَافِي الْمُؤَاخَذَةَ.
قُلْتُ: أَوْ ذِكْرُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ الْإِثْمِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِلْمُكْرِهِينَ لَهُنَّ، وَفِي ذِكْرِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ تَعْرِيضٌ، وَتَقْدِيرُهُ انْتَهُوا أَيُّهَا الْمُكْرِهُونَ فَإِنَّهُنَّ مَعَ كَوْنِهِنَّ مُكْرَهَاتٍ قَدْ يُؤَاخَذْنَ لَوْلَا رَحْمَتُ اللَّهِ وَمَغْفِرَتُهُ فَكَيْفَ بِكَمْ أَنْتُمْ، وَمُنَاسَبَتُهَا لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا إِثْمَ