عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْهُمْ فَأَوْقَعَ بِهِمْ وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ الْحَدِيثَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْإِيقَاعِ بِهِمْ ثَبَتُوا قَلِيلًا، فَلَمَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْقَتْلُ انْهَزَمُوا بِأَنْ يَكُونَ لَمَّا دَهَمَهُمْ وَهُمْ عَلَى الْمَاءِ ثَبَتُوا وَتَصَافَّوْا وَوَقَعَ الْقِتَالُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَعَتِ الْغَلَبَةُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ ابْنُ سَعْدٍ نَحْوَ مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَنَّ الْحَارِثَ كَانَ جَمَعَ جُمُوعًا وَأَرْسَلَ عَيْنًا تَأْتِيهِ بِخَبَرِ الْمُسْلِمِينَ فَظَفِرُوا بِهِ فَقَتَلُوهُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ هَلِعَ وَتَفَرَّقَ الْجَمْعُ وَانْتَهَى النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَاءِ وَهُوَ الْمُرَيْسِيعُ فَصَفَّ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ ثُمَّ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ حَمَلَةً وَاحِدَةً فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ بَلْ قُتِلَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَأُسِرَ الْبَاقُونَ رِجَالًا وَنِسَاءً، وَسَاقَ ذَلِكَ الْيَعْمُرِيُّ فِي عُيُونِ الْأَثَرِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ: أَشَارَ ابْنُ سَعْدٍ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ: الْأَوَّلُ أَثْبُتُ. قُلْتُ: آخِرُ كَلَامِ ابْنِ سَعْدٍ، وَالْحُكْمُ بِكَوْنِ الَّذِي فِي السِّيَرِ أَثْبَتُ مِمَّا فِي الصَّحِيحِ مَرْدُودٌ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمُحَيْرِيزٌ بِمُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ الْعَزْلِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا ذِكْرُ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى قِصَّتِهَا مُجْمَلًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
٣٤ - بَاب حَدِيثِ الْإِفْكِ
وَالْأَفَكِ، بِمَنْزِلَةِ النِّجْسِ وَالنَّجَسِ، يُقَالُ: إِفْكُهُمْ وَأَفْكُهُمْ وَأَفَكُهُمْ، فَمَنْ قَالَ: أَفَكَهُمْ يَقُولُ: صَرَفَهُمْ عَنْ الْإِيمَانِ وَكَذَّبَهُمْ، كَمَا قَالَ: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ
٤١٤١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّتهنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ. فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ دَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدْ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ.
قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ - وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ جفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنْ الطَّعَامِ - فَلَمْ يَسْتَنْكِرْ الْقَوْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute