٦٦٨٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ: بَابُ النِّيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِلْجَمِيعِ وَحَكَى الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ فِي الْإِيمَانِ، قُلْتُ: وَقَرِينَةُ تَرْجَمَةِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ كَافِيَةٌ فِي تَوْهِينِ الْكَسْرِ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْمِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْأَعْمَالِ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْوَحْيِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْيَمِينَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَخْصِيصِ الْأَلْفَاظِ بِالنِّيَّةِ زَمَانًا وَمَكَانًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ وَأَرَادَ فِي شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ زَيْدًا مَثَلًا، وَأَرَادَ فِي مَنْزِلِهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَا يَحْنَثُ إِذَا دَخَلَ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ فِي الْأُولَى، وَلَا إِذَا كَلَّمَهُ فِي دَارٍ أُخْرَى فِي الثَّانِيَةِ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُ فِيمَنْ قَالَ: إِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ، وَكَذَا مَنْ قَالَ: إِنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ بَائِنٌ إِنْ نَوَى ثَلَاثًا بَانَتْ، وَإِنْ نَوَى مَا دُونَهَا وَقَعَ مَا نَوَى رَجْعِيًّا، وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ لَكِنْ فِيمَا عَدَا حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَهِيَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِالتَّوْرِيَةِ فِي ذَلِكَ إِذَا اقْتَطَعَ بِهَا حَقًّا لِغَيْرِهِ، وَهَذَا إِذَا تَحَاكَمَا وَمَا فِي غَيْرِ الْمُحَاكَمَةِ، فَقَالَ: الْأَكْثَرُ نِيَّةُ الْحَالِفِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ: نِيَّةُ الْمَحْلُوفِ لَهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَنِ ادَّعَى حَقًّا عَلَى رَجُلٍ فَأَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَاهُ الْحَاكِمُ وَلَا تَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ اتِّفَاقًا فَإِنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافِ الْحَاكِمِ نَفَعَتِ التَّوْرِيَةُ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ أَبْطَلَ بِهَا حَقًّا أَثِمَ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ فَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوِ الْعَتَاقِ نَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ وَلَوْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ ; لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِذَلِكَ كَذَا أَطْلَقَ، وَيَنْبَغِي فِيمَا إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى جَوَازَ التَّحْلِيفِ بِذَلِكَ أَنْ لَا تَنْفَعَهُ التَّوْرِيَةُ
٢٤ - بَاب إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ
٦٦٩٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بن مالك، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ فَقَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ.
قَوْلُهُ: بَابُ إِذَا أَهْدَى مَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَالتَّوْبَةِ)، كَذَا للْجَمِيعُ إِلَّا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَعِنْدَهُ الْقُرْبَةُ بَدَلُ التَّوْبَةِ، وَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي مُسْتَخْرَجِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: وَقَوْلُهُ أَهْدَى أَيْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ أَوْ جَعَلَهُ هَدِيَّةً لِلْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا الْبَابُ هُوَ أَوَّلُ أَبْوَابِ النُّذُورِ، وَالنَّذْرُ فِي اللُّغَةِ الْتِزَامُ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَفِي الشَّرْعِ الْتِزَامُ الْمُكَلَّفِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute