مُوسَى﴾. قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ مِنْ هَذَا، لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ سَبَبَانِ فَأَكْثَرُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ.
٣٤ - سُورَةُ سَبَأٍ
يُقَالُ ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ مُسَابِقِينَ. بِمُعْجِزِينَ بِفَائِتِينَ. مُعَاجِزِي: مُسَابِقِي. ﴿سَبَقُوا﴾ فَاتُوا. ﴿لا يُعْجِزُونَ﴾ لَا يُفَوِّتُونَ. ﴿يَسْبِقُونَا﴾ يُعْجِزُونَا. قَوْلُهُ ﴿بِمُعْجِزِينَ﴾ بِفَائِتِينَ. وَمَعْنَى ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ مُغَالِبِينَ. يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ. ﴿مِعْشَارَ﴾ عُشْرَ. يُقَالُ: الْأُكُلُ الثَّمَرَةُ. بَاعِدْ وَبَعِّدْ وَاحِدٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿لا يَعْزُبُ﴾ لَا يَغِيبُ. سَيْلَ الْعَرِمِ: السَّدُّ مَاءٌ أَحْمَرُ أَرْسَلَهُ فِي السَّدِّ فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ وَحَفَرَ الْوَادِي فَارْتَفَعَتَا عَنِ الْجَنْبَتيْنِ وَغَابَ عَنْهُمَا الْمَاءُ فَيَبِسَتَا، وَلَمْ يَكُنِ الْمَاءُ الْأَحْمَرُ مِنَ السَّدِّ وَلَكِنْ كَانَ عَذَابًا أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ. وَقَالَ عمرو بْنُ شُرَحْبِيلَ: ﴿الْعَرِمِ﴾ الْمُسْنَاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَرِمُ: الْوَادِي. السَّابِغَاتُ: الدُّرُوعُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ يُجَازَى: يُعَاقَبُ. ﴿أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ بِطَاعَةِ اللَّهِ. ﴿مَثْنَى وَفُرَادَى﴾ وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ. ﴿التَّنَاوُشُ﴾ الرَّدُّ مِنَ الْآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا. ﴿وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ. ﴿بِأَشْيَاعِهِمْ﴾ بِأَمْثَالِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿كَالْجَوَابِ﴾ كَالْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ. الْخَمْطُ: الْأَرَاكُ. وَالْأَثْلُ: الطَّرْفَاءُ. ﴿الْعَرِمِ﴾ الشَّدِيدِ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ سَبَأٍ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَ لَفْظُ سُورَةُ وَالْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ. وَهَذِهِ السُّورَةُ سُمِّيَتْ بِقَوْلِهِ فِيهَا: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ﴾ الْآيَةَ، قَالَ: ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: هُوَ سَبَأُ بْنُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ. وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ قَالَ: أُنْزِلَ فِي سَبَأٍ مَا أُنْزِلَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا سَبَأٌ، أَرْضٌ أَوِ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشَرَةً مِنَ الْعَرَبِ، فَتَيَامَنَ سِتَّةٌ وَتَشَاءَمَ أَرْبَعَةٌ الْحَدِيثَ. قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قُلْتُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفَرْوَةَ صَحَّحَهُمَا الْحَاكِمُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي حَدِيثِ فَرْوَةَ زِيَادَةً أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَبَأَ قَوْمٌ كَانَ لَهُمْ عِزٌّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَرْتَدُّوا فَأُقَاتِلَهُمْ، قَالَ: مَا أُمِرْتُ فِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ﴾ الْآيَاتِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا سَبَأٌ؟ فَذَكَرَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْأَنْسَابِ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ. وَأَصْلُهُ قِصَّةُ سَبَأٍ. وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ مُطَوَّلَةً فِي أَوَّلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ. وَأَخْرَجَ بَعْضَهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَخْرَجَهَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ مُطَوَّلًا.
قَوْلُهُ: ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ مُسَابِقِينَ، بِمُعْجِزِينَ بِفَائِتِينَ، مُعَاجِزِي مُسَابِقِي، سَبَقُوا فَاتُوا، لَا يَعْجِزُونَ لَا يَفُوتُونَ، يَسْبِقُونَا يُعْجِزُونَا.
قَوْلُهُ: بِمُعْجِزِينَ بِفَائِتِينَ وَمَعْنَى مُعَاجِزِينَ مُغَالِبِينَ يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ) أَمَّا قَوْلُهُ مُعَاجِزِينَ مُسَابِقِينَ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ أَيْ مُسَابِقِينَ، يُقَالُ: مَا أَنْتَ بِمُعْجِزِي أَيْ: سَابِقِي. وَهَذَا اللَّفْظُ أَيْ مُعَاجِزِينَ عَلَى إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْأَكْثَرِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ، وَالْقِرَاءَةُ الْأُخْرَى لِابْنِ كَثِيرٍ، وَأَبِي عَمْرٍو مُعْجِزِينَ بِالتَّشْدِيدِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ بِمَعْنَاهَا، وَقِيلَ: مَعْنَى مُعَاجِزِينَ: مُعَانِدِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute