وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى فَقَالَ فِيهِ: فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ وَكَذَلِكَ جَزَمَ بِرَفْعِهَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالْفَهْمِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى، وَرَبِيعَةَ جَمِيعًا عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ، وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى رُجْحَانِ رَفْعِهَا فَتَرْجَمَ بَعْدَ أَبْوَابٍ إِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُرَادِ بِكَوْنِهَا وَدِيعَةً هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (قَالَ يَزِيدُ وَهِيَ تُعَرَّفُ أَيْضًا) هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ يَشُكَّ يَحْيَى فِي كَونِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى يَزِيدَ، وَلَمْ أَرَهَا مَرْفُوعَةً فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
٤ - بَاب إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا
٢٤٢٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ ﵁ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ، قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا) أَيْ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْمَذْكُورَ مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ وَفِيهِ قَوْلُهُ: ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا شَأْنَكَ بِهَا فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِئْ فَشَأْنَكَ بِهَا، فَحَذَفَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ جَوَابَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَشَرْطَ إِنِ الثَّانِيَةِ وَالْفَاءَ مِنْ جَوَابِهَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ الْآتِي فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ اللُّقَطَةِ بِلَفْظِ: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ الْحَذْفُ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ دُونَ بَعْضٍ، فَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أُبَيٍّ فِي أَوَّلِ اللُّقَطَةِ بِلَفْظِ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا بِإِثْبَاتِ الْفَاءِ فِي الْجَوَابِ الثَّانِي، وَمَضَى مِنْ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ: وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْهَا وَمِثْلُهُ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بِلَفْظِ: ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ الْمُقْدَّمِ ذِكْرُهَا، فَإِذَا لَمْ يَأْتِ لَهَا طَالِبٌ فَاسْتَنْفِقْهَا.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّاقِطَ يَمْلِكُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: شَأْنَكَ بِهَا تَفْوِيضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ، وَقَوْلُهُ: فَاسْتَنْفِقْهَا الْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اشْتِرَاطُ التَّلَفُّظِ بِالتَّمْلِيكِ، وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا، وَقِيلَ: تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ الِالْتِقَاطِ، وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بِلَفْظِ: وَإِلَّا فَتَصْنَعُ بِهَا مَا تَصْنَعُ بِمَالِكَ.
قَوْلُهُ: (شَأْنَكَ بِهَا) الشَّأْنُ الْحَالُ أَيْ تَصَرَّفْ فِيهَا، وَهُوَ بِالنَّصْبِ أَيِ الْزَمْ شَأْنَكَ بِهَا، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ بِهَا أَيْ شَأْنُكَ مُتَعَلِّقٌ بِهَا، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إِذَا تَصَرَّفَ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا سَنَةً ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا هَلْ يَضْمَنُهَا لَهُ أَمْ لَا؟ فَالْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوبِ الرَّدِّ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ مَوْجُودَةً، أَوِ الْبَدَلِ إِنْ كَانَتِ اسْتُهْلِكَتْ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْكَرَابِيسِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَوَافَقَهُ صَاحِبَاهُ لْبُخَارِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ إِمَامُ الظَّاهِرِيَّةِ، لَكِنْ وَافَقَ دَاوُدُ الْجُمْهُورَ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ قَائِمَةً، وَمِنْ حُجَّةِ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute