عَنْ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ ضَعِيفَةٌ كَمَا قَدَّمْنَا، فَهِيَ غَيْرُ مُعَارِضَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ.
وَاخْتُلِفَ فِي حِكْمَةِ النَّهْيِ عَنِ التَّشْبِيكِ فَقِيلَ: لِكَوْنِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ. وَقِيلَ: لِأَنَّ التَّشْبِيكَ يَجْلِبُ النَّوْمَ وَهُوَ مِنْ مَظَانِّ الْحَدَثِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ صُورَةَ التَّشْبِيكِ تُشْبِهُ صُورَةَ الِاخْتِلَافِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَكُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ لِلْمُصَلِّينَ: وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ. وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وعلى حديث أبي موسى في كتاب الأدب، وعلى حديث أبي هريرة في سجود السهو.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ مَنْصُورٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ.
قَوْلُهُ: (إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ الْعِشَاءِ بِالْمَدِّ وَهُوَ وَهْمٌ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّهَا الظُّهْرُ أَوِ الْعَصْرُ كَمَا سَيَأْتِي، وَابْتِدَاءُ الْعَشِيِّ مِنْ أَوَّلِ الزَّوَالِ.
قَوْلُهُ: (وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى) عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ بَدَلَ يَدِهِ الْيُمْنَى وَهُوَ أَشْبَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ.
قَوْلُهُ: (فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟) أَيْ: رُبَّمَا سَأَلُوا ابْنَ سِيرِينَ: هَلْ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نُبِّئْتُ إِلَخْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ عِمْرَانَ. وَقَدْ بَيَّنَ أَشْعَثُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِمْرَانَ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ:، حَدَّثَنِي خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا فِي جُزْءِ الذُّهْلِيِّ، فَظَهَرَ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ أَبْهَلَ ثَلَاثَةً. وَرِوَايَتُهُ عَنْ خَالِدٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ.
٨٩ - بَاب الْمَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ
٤٨٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنْ الطَّرِيقِ، فَيُصَلِّي فِيهَا، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ، وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ، وَسَأَلْتُ سَالِمًا فَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وَافَقَ نَافِعًا فِي الْأَمْكِنَةِ كُلِّهَا، إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ.
[الحديث ٤٨٣ - أطرافه في: ٧٣٤٥، ٢٣٣٦، ١٥٣٥]
٤٨٤ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي الشَّرْقِيَّةِ فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلَا عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَمَّ يُصَلِّي فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِيهِ".
[الحديث ٤٨٤ - أطرافه في: ١٥٣٢، ١٥٣٣، ١٧٩٩]