للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اسْمُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لَهُ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ أُمَيَّةُ: وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْمُحْتَمَلِ حَيْثُ يَتَحَقَّقُ الْهَلَاكُ فِي غَيْرِهِ أَوْ يَقْوَى الظَّنُّ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ) زَادَ إِسْرَائِيلُ: وَجَاءَ الصَّرِيخُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ، وَعَرَفَ أَنَّ اسْمَ الصَّرِيخِ ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ، وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ جَدَعَ بَعِيرَهُ وَحَوَّلَ رَحْلَهُ وَشَقَّ قَمِيصَهُ وَصَرَخَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمْوَالُكُمْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمَّدٌ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ.

قَوْلُهُ: (أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ الْقَافِلَةَ الَّتِي كَانَتْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ.

قَوْلُهُ: (إِنَّكَ مَتَى يَرَاكَ النَّاسُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ: مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ بِزِيَادَةِ مَا وَهِيَ الزَّائِدَةُ الْكَافَّةُ عَنِ الْعَمَلِ، وَبِحَذْفِهَا كَانَ حَقُّ الْأَلِفِ مِنْ يَرَاكَ أَنْ تُحْذَفَ؛ لِأَنَّ مَتَى لِلشَّرْطِ وَهِيَ تَجْزِمُ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: يُخَرَّجُ ثُبُوتُ الْأَلِفِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: يَرَاكَ مُضَارِعُ رَاءَ بِتَقْدِيمِ الْأَلِفِ عَلَى الْهَمْزَةِ وَهِيَ لُغَةٌ فِي رَأَى قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا رَاءَنِي أَبْدَى بَشَاشَةَ وأصِلٍ

وَمُضَارِعُهُ يَرَاءُ بِمَدٍّ ثُمَّ هَمْزٍ، فَلَمَّا جُزِمَتْ حُذِفَتِ الْأَلِفُ ثُمَّ أُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ أَلِفًا فَصَارَ يَرَا، وَعَلَى أَنَّ مَتَى شُبِّهَتْ بِإِذَا فَلَمْ يُجْزَمْ بِهَا، وَهُوَ كَقَوْلِ عَائِشَةَ الْمَاضِي فِي الصَّلَاةِ فِي أَبِي بَكْرٍ: مَتَى يَقُومُ مَقَامَكَ أَوْ عَلَى إِجْرَاءِ الْمُعْتَلِّ مَجْرَى الصَّحِيحِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَلَا تَرْضَاهَا وَلَا تَمَلَّقْ

أَوْ عَلَى الْإِشْبَاعِ كَمَا قُرِئَ (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي). قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ مَتَى يَراكَ النَّاسُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَهُوَ الْوَجْهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي) أَيْ وَادِي مَكَّةَ، قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أُمَيَّةَ وَصَفَ بِهَا أَبَا جَهْلٍ لَمَّا خَاطَبَ سَعْدًا بِقَوْلِهِ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ، هُوَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي فَتَقَارَضَا الثَّنَاءَ وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَيِّدًا فِي قَوْمِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ) بَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ الصِّفَةَ الَّتِي كَادَ بِهَا أَبُو جَهْلٍ أُمَيَّةَ حَتَّى خَالَفَ رَأْيَ نَفْسِهِ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَانَ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ، وَكَانَ شَيْخًا جَسِيمًا، فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِمَجْمَرَةٍ حَتَّى وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ النِّسَاءِ، فَقَالَ: قَبَّحَكَ اللَّهُ. وَكَأَنَّ أَبَا جَهْلٍ سَلَّطَ عُقْبَةَ عَلَيْهِ حَتَّى صَنَعَ بِهِ ذَلِكَ، وَكَانَ عُقْبَةُ سَفِيهًا.

قَوْلُهُ: (لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ) يَعْنِي فَأَسْتَعِدُّ عَلَيْهِ لِلْهَرَبِ إِذَا خِفْتُ شَيْئًا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَاشْتَرَى الْبَعِيرَ الَّذِي ذَكَرَ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَتْرُكُ مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَنْزِلُ بِنُونٍ وَزَايٍ وَلَامٍ مِنَ النُّزُولِ، وَهِيَ أَوْجَهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ يَتْرُكُ بِمُثَنَّاةٍ وَرَاءٍ وَكَافٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ بِبَدْرٍ) تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَهُ خُبَيْبٌ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ، ابْنُ إِسَافٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَمُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَازِنٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُقَالُ: اشْتَرَكَ فِيهِ مُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَخُبَيْبٌ الْمَذْكُورُ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ رَافِعٍ طَعَنَهُ بِالسَّيْفِ، وَيُقَالُ: قَتَلَهُ بِلَالٌ. وَأَمَّا ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَتَلَهُ عَمَّارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ ظَاهِرَةٌ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مِنْ قُوَّةِ النَّفْسِ وَالْيَقِينِ. وَفِيهِ أَنَّ شَأْنَ الْعُمْرَةِ كَانَ قَدِيمًا، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانَ مَأْذُونًا لَهُمْ فِي الِاعْتِمَارِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَعْتَمِرَ النَّبِيُّ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٣ - بَاب قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ