لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ مُفَسِّرٌ لَهُ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِحَدِيثِ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ مُشِيرًا إِلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُفَسِّرًا لِمَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَيْهِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَهُ ثُمَّ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ انْتَهَى. مُلَخَّصًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَوْتِ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّوَابِ أَوِ الْعِقَابِ بَلْ يُجَازَى كُلُّ أَحَدٍ بِعَمَلِهِ عَلَى حَسَبِ نِيَّتِهِ.
وَجَنَحَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ يَقَعُ لَهُمْ ذَلِكَ إِنَّمَا يَقَعُ بِسَبَبِ سُكُوتِهِمْ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَمَّا مَنْ أَمَرَ وَنَهَى فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَا يُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ بَلْ يَدْفَعُ بِهِمُ الْعَذَابَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ وَيَدُلُّ عَلَى تَعْمِيمِ الْعَذَابِ لِمَنْ لَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَاطَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا مَشْرُوعِيَّةُ الْهَرَبِ مِنَ الْكُفَّارِ وَمِنَ الظَّلَمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ مَعَهُمْ مِنْ إِلْقَاءِ النَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، هَذَا إِذَا لَمْ يُعِنْهُمْ وَلَمْ يَرْضَ بِأَفْعَالِهِمْ، فَإِنْ أَعَانَ أَوْ رَضِيَ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَمْرُهُ ﷺ بِالْإِسْرَاعِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ دِيَارِ ثَمُودَ.
وَأَمَّا بَعْثُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَحُكْمٌ عَدْلٌ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ إِنَّمَا يُجَازَوْنَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَمَهْمَا أَصَابَهُمْ مِنْ بَلَاءٍ كَانَ تَكْفِيرًا لِمَا قَدَّمُوهُ مِنْ عَمَلٍ سَيِّئٍ، فَكَانَ الْعَذَابُ الْمُرْسَلُ فِي الدُّنْيَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا يَتَنَاوَلُ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ ذَلِكَ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى مُدَاهَنَتِهِمْ، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُبْعَثُ كُلٌّ مِنْهُمْ فَيُجَازَى بِعَمَلِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ تَحْذِيرٌ وَتَخْوِيفٌ عَظِيمٌ لِمَنْ سَكَتَ عَنِ النَّهْيِ، فَكَيْفَ بِمَنْ دَاهَنَ، فَكَيْفَ بِمَنْ رَضِيَ، فَكَيْفَ بِمَنْ عَاوَنَ؟ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ.
قُلْتُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ أَهْلَ الطَّاعَةِ لَا يُصِيبُهُمُ الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا بِجَرِيرَةِ الْعُصَاةِ، وَإِلَى ذَلِكَ جَنَحَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَإِلَى نَحْوِهِ مَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ فِي آخَرِ كِتَابِ الْفِتَنِ.
٢٠ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِنَّ ابْنِي هَذَا لَسَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
٧١٠٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى وَلَقِيتُهُ بِالْكُوفَةِ جَاءَ إِلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ فَقَالَ: أَدْخِلْنِي عَلَى عِيسَى فَأَعِظَهُ، فَكَأَنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ خَافَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: لَمَّا سَارَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ﵄ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالْكَتَائِبِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، لِمُعَاوِيَةَ: أَرَى كَتِيبَةً لَا تُوَلِّي حَتَّى تُدْبِرَ أُخْرَاهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنْ لِذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: أَنَا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: نَلْقَاهُ فَنَقُولُ لَهُ: الصُّلْحَ. قَالَ الْحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ جَاءَ الْحَسَنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
٧١١٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو:، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ عَمْرٌو وقَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أُسَامَةُ إِلَى عَلِيٍّ وَقَالَ: إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ الْآنَ فَيَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute