للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢١ - بَاب رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ.

وقال رَبِيعَةُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ

٨٠ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا"

[الحديث ٨٠ - اطرافه في: ٦٨٠٨، ٥٥٧٧، ٥٢٣٢، ٨١]

قَوْلُهُ: (بَابُ رَفْعِ الْعِلْمِ) مَقْصُودُ الْبَابِ الْحَثُّ عَلَى تَعَلُّمِ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ لَا يُرْفَعُ إِلَّا بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي صَرِيحًا. وَمَا دَامَ مَنْ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مَوْجُودًا لَا يَحْصُلُ الرَّفْعُ. وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ رَفْعَهُ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ رَبِيعَةُ) هُوَ ابْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ الْمَدَنِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِرَبِيعَةَ الرَّأْيِ - بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ - قِيلَ لَهُ: ذَلِكَ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِالِاجْتِهَادِ. وَمُرَادُ رَبِيعَةَ أَنَّ مَنْ كَانَ فِيهِ فَهْمٌ وَقَابِلِيَّةٌ لِلْعِلْمِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُهْمِلَ نَفْسَهُ فَيَتْرُكَ الِاشْتِغَالَ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى رَفْعِ الْعِلْمِ. أَوْ مُرَادُهُ الْحَثُّ عَلَى نَشْرِ الْعِلْمِ فِي أَهْلِهِ لِئَلَّا يَمُوتَ الْعَالِمُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيُؤَدِّيَ إِلَى رَفْعِ الْعِلْمِ. أَوْ مُرَادُهُ أَنْ يُشْهِرَ الْعَالِمُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّى لِلْأَخْذِ عَنْهُ لِئَلَّا يَضِيعَ عِلْمُهُ. وَقِيلَ: مُرَادُهُ تَعْظِيمُ الْعِلْمِ وَتَوْقِيرُهُ، فَلَا يُهِينُ نَفْسَهُ بِأَنْ يَجْعَلَهُ عَرَضًا لِلدُّنْيَا. وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ ; لَكِنَّ اللَّائِقَ بِتَبْوِيبِ الْمُصَنِّفِ مَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ وَصَلَ أَثَرَ رَبِيعَةَ الْمَذْكُورَ الْخَطِيبُ فِي الْجَامِعِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ) فِي بَعْضِهَا عِمْرَانُ غَيْرُ مَذْكُورِ الْأَبِ، وَقَدْ عُرِفَ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ ابْنُ مَيْسَرَةَ. وَقَدْ خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى الْقَزَّازِ، وَلَيْسَ هُوَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْوَارِثِ) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ فَوْقَانِيَّةٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثَقِيلَةٌ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) زَادَ الْأَصِيلِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ: ابْنَ مَالِكٍ، وَلِلنَّسَائِيِّ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ. وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ، وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (أَشْرَاطُ السَّاعَةِ) أَيْ: عَلَامَاتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُعْتَادِ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ خَارِقًا لِلْعَادَةِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ) هُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ لِأَنَّهُ اسْمُ أَنَّ، وَسَقَطَتْ أن مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ حَيْثُ أَخْرَجَهُ عَنْ عِمْرَانَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، فَعَلَى رِوَايَتِهِ يَكُونُ مَرْفُوعَ الْمَحَلِّ. وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهِ مَوْتُ حَمَلَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَيُبَثُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ تَنْتَشِرُ. وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ فَعَزَاهَا لِلْبُخَارِيِّ، وَإِنَّمَا حَكَاهَا النَّوَوِيُّ فِي الشَّرْحِ لِمُسْلِمٍ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَفِي رِوَايَةِ: وَيَنْبُتُ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُثَلَّثَةِ مِنَ النَّبَاتِ، وَحَكَى ابْنُ رَجَبٍ عَنْ بَعْضِهِمْ: وَيَنُثُّ بِنُونٍ وَمُثَلَّثَةٍ مِنَ النَّثِّ وَهُوَ الْإِشَاعَةُ. قُلْتُ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْرَبُ الْخَمْرُ) هُوَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَوَّلَهُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْعَطْفِ، وَالْمُرَادُ كَثْرَةُ ذَلِكَ وَاشْتِهَارُهُ. وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي النِّكَاحِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ: وَيَكْثُرُ شُرْبُ الْخَمْرِ فَالْعَلَامَةُ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: (وَيَظْهَرُ الزِّنَا) أَيْ: يَفْشُو كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ.

٨١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ قَالَ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ