الْقِصَّةُ هُنَاكَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَفْسِهِ. وَوَقَعَ هُنَا فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ هَكَذَا وَقَعَ بِتَأْخِيرِ لَفْظِ ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ وَالَّذِي فِي التِّلَاوَةِ ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ قَبْلَ ﴿وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى الصَّوَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.
٥ - بَاب أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ
٤٩٩١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ:، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.
٤٩٩٢ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِئ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ. فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ. ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ للْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَأوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ) أَيْ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِكُلِ وَجْهٍ مِنْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ وَلَا جُمْلَةٍ مِنْهُ تُقْرَأُ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ غَايَةَ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ عَدَدُ الْقِرَاءَاتِ فِي الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى سَبْعَةٍ، فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّا نَجِدُ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ يُقْرَأُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ، فَالْجَوَابُ أَنَّ غَالِبَ ذَلِكَ إِمَّا لَا يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَدَاءِ كَمَا فِي الْمَدِّ وَالْإِمَالَةِ وَنَحْوِهِمَا.
وَقِيلَ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّبْعَةِ حَقِيقَةُ الْعَدَدِ، بَلِ الْمُرَادُ التَّسْهِيلُ وَالتَّيْسِيرُ، وَلَفْظُ السَّبْعَةِ يُطْلَقُ عَلَى إِرَادَةِ الْكَثْرَةِ فِي الْآحَادِ كَمَا يُطْلَقُ السَّبْعُونَ فِي الْعَشَرَاتِ وَالسَّبْعُمِائَةُ فِي الْمِئِينَ وَلَا يُرَادُ الْعَدَدُ الْمُعَيَّنُ، وَإِلَى هَذَا جَنَحَ عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ.
وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ، عَنِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ بَلَغَ الِاخْتِلَافُ فِي مَعْنَى الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ إِلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ قَوْلًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقُرْطُبِيُّ مِنْهَا سِوَى خَمْسَةٍ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: أَكْثَرُهَا غَيْرُ مُخْتَارٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ حِبَّانَ فِي هَذَا بَعْدَ تَتَبُّعِي مَظَانَّهُ مِنْ صَحِيحِهِ، وَسَأَذْكُرُ مَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ الْمَقْبُولِ مِنْهَا وَالْمَرْدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ مُصَغَّرٌ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute