عُفَيْرٍ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ، وَهُوَ مِنْ حُفَّاظِ الْمِصْرِيِّينَ وَثِقَاتِهِمْ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵁ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ) هَذَا مِمَّا لَمْ يُصَرِّحِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ نَحْوَهُ، وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عَنْ أُبَيٍّ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِهِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ.
قَوْلُهُ: (أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ) فِي أَوَّلِ حَدِيثِ النَّسَائِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سُورَةً، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقْرَؤُهَا يُخَالِفُ قِرَاءَتِي الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا فَقَرَآ، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ ﷺ شَأْنَهُمَا قَالَ: فَسُقِطَ فِي نَفْسِي وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي فَفِضْتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللَّهِ فَرَقًا، فَقَالَ لِي: يَا أُبَيُّ، أُرْسِلَ إِلَيَّ أَنِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ الْحَدِيثَ. وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَوَجَدْتُ فِي نَفْسِي وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهِي، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ اخْسَأْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ. وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُبَيٍّ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ. قَالَ أُبَيٌّ: فَقُلْتُ: مَا كِلَانَا أَحْسَنَ وَلَا أَجْمَلَ، قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي. الْحَدِيثَ.
وَبَيَّنَ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيٍّ الْمَكَانُ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَلَفْظُهُ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَ أُمَّتَكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ. الْحَدِيثَ. وَبَيَّنَ الطَّبَرِيُّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَنَّ السُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ سُورَةُ النَّحْلِ.
قَوْلُهُ: (فَرَاجَعْتُهُ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ أُبَيٍّ: فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: إِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُبَيٍّ: فَقَالَ لِيَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: قُلْ عَلَى حَرْفَيْنِ، حَتَّى بَلَغْتُ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ أَتَيَانِي فَقَالَ جِبْرِيلُ: اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَقَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ نَحْوُهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي) فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ: ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: عَلَى حَرْفَيْنِ. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَ أُمَّتَكَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيْهِ فَقَدْ أَصَابُوا. وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرِيِّ: عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَفِي أُخْرَى لَهُ: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْهَا فَهُوَ كَمَا قَرَأَ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا شَافٍ كَافٍ إِنْ قُلْتَ سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا، مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةِ أُمِّيِّينَ، مِنْهُمُ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ. الْحَدِيثَ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ: كُلُّهَا كَافٍ شَافٍ كَقَوْلِكَ هَلُمَّ وَتَعَالَ مَا لَمْ تَخْتِمْ الْحَدِيثَ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُقَوِّي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْرُفِ اللُّغَاتُ أَوِ الْقِرَاآتُ، أَيْ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعِ لُغَاتٍ أَوْ قِرَاآتٍ، وَالْأَحْرُفُ جَمْعُ حَرْفٍ مِثْلَ فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ مِنَ اللُّغَاتِ لِأَنَّ أَحَدَ مَعَانِيَ الْحَرْفِ فِي اللُّغَةِ الْوَجْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾؟ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ إِطْلَاقِ الْحَرْفِ عَلَى الْكَلِمَةِ مَجَازًا لِكَوْنِهِ بَعْضَهَا.
الحديث الثاني.
قَوْلُهُ: (أنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ) أَيِ ابْنَ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيَّ، كَذَا رَوَاهُ عُقَيْلُ، وَيُونُسُ، وَشُعَيْبٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَاقْتَصَرَ مَالِكٌ عَنْهُ عَلَى عُرْوَةَ فَلَمْ يَذْكُرِ الْمِسْوَرَ فِي إِسْنَادِهِ، وَاقْتَصَرَ عَبْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute