للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: الرَّجُلُ يُصَلِّي مَعَ الرَّجُلِ أَيْنَ يَكُونُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ. قُلْتُ: أَيُحَاذِي بِهِ حَتَّى يَصُفَّ مَعَهُ لَا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَتُحِبُّ أَنْ يُسَاوِيَهُ حَتَّى لَا تَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْهَاجِرَةِ فَوَجَدْتُهُ يُسَبِّحُ، فَقُمْتُ وَرَاءَهُ، فَقَرَّبَنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ عَنْ يَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: (إِذَا كَانَا) أَيْ: إِمَامًا وَمَأْمُومًا، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَا مَأْمُومَيْنِ مَعَ إِمَامٍ فَلَهُمَا حُكْمٌ آخَرُ.

(تَنْبِيهٌ): هَكَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ يَقُومُ إِلَخْ وَأَوْرَدَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِلَفْظِ: بَابُ مَنْ يَقُومُ بِالْإِضَافَةِ وَزِيَادَةِ مَنْ، وَشَرَحَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَتَرَدَّدَ بَيْنَ كَوْنِهَا مَوْصُولَةً أَوِ اسْتِفْهَامِيَّةً، ثُمَّ أَطَالَ فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ، وَأَنَّ سَبَبَهُ كَوْنُ الْمَسْأَلَةِ مُخْتَلَفًا فِيهَا. وَالْوَاقِعُ أَنَّ مَنْ مَحْذُوفَةٌ، وَالسِّيَاقُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَازِمٌ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا مُتَرَدِّدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُهُمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ الْوَاحِدَ يَقِفُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ إِلَّا النَّخَعِيَّ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ وَرَجُلٌ، قَامَ الرَّجُلُ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ أَحَدٌ قَامَ عَنْ يَمِينِهِ. أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ مَظِنَّةُ الِاجْتِمَاعِ، فَاعْتُبِرَتْ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُ ذَلِكَ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ، وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ حَيْثُ يَظُنُّ ظَنًّا قَوِيًّا مَجِيءَ ثَانٍ، وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَيْضًا عَنْهُ قَالَ: رُبَّمَا قُمْتُ خَلْفَ الْأَسْوَدِ وَحْدِي حَتَّى يَجِيءَ الْمُؤَذِّنُ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ امْتِنَاعُ تَقْدِيمِ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ خِلَافًا لِمَالِكٍ؛ لِمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَدَارَنِي مِنْ خَلْفِهِ حَتَّى جَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

٥٨ - بَاب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ

فَحَوَّلَهُ الْإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمَا

٦٩٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، وَالنَّبِيُّ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قَالَ عَمْرٌو: فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا، فَقَالَ: حَدَّثَنِي كُرَيْبٌ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ، إِلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَمْ يُبْطِلْ صَلَاةَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ كَوْنِهِ قَامَ عَنْ يَسَارِهِ أَوَّلًا، وَعَنْ أَحْمَدَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، بَلْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّ مَوْقِفَ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ يَكُونُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ) لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ، لَكِنْ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِأَنَّهُ ابْنُ صَالِحٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ، وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ مَدَنِيُّونَ عَلَى نَسَقٍ.

قَوْلُهُ: (نِمْتُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: بِتُّ.

قَوْلُهُ: (فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَدَارَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الْعَمَلِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَمْرٌو) أَيِ: ابْنُ الْحَارِثِ الْمَذْكُورُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ تَعْلِيقِ الْبُخَارِيِّ، فَقَدْ سَاقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِثْلَ سِيَاقِهِ، وَبُكَيْرٌ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، وَاسْتَفَادَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ الْعُلُوَّ بِرَجُلٍ.