للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَيْلًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الدُّخُولُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَبِالنَّهْيِ الدُّخُولُ فِي أَثْنَائِهِ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالدُّخُولِ لَيْلًا لِمَنْ أَعْلَمَ أَهْلَهُ بِقُدُومِهِ فَاسْتَعَدُّوا لَهُ، وَالنَّهْيُ عَمَّنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: الْكَيْسَ الْكَيْسَ يَا جَابِرُ، يَعْنِي الْوَلَدَ) الْقَائِلُ وَحَدَّثَنِي هُوَ هُشَيْمٌ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ هُشَيْمًا حَمَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ؛ لِأَنَّهُ أَوْرَدَ طَرِيقَ شُعْبَةَ عَلَى أَثَرِ حَدِيثِ هُشَيْمٍ. وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: الْقَائِلُ وَحَدَّثَنِي هُوَ هُشَيْمٌ أَوِ الْبُخَارِيُّ اهـ. وَهُوَ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَائِلَ هُشَيْمٌ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ.

قَوْلُهُ (إِذَا دَخَلْتَ لَيْلًا فَلَا تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ) مَعْنَى الدُّخُولِ الْأَوَّلِ: الْقُدُومُ، أَيْ: إِذَا دَخَلْتَ الْبَلَدَ فَلَا تَدْخُلِ الْبَيْتَ.

قَوْلُهُ (قَالَ قَالَ) فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: قَالَ وَقَالَ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَلَفْظُهُ: قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِذَا دَخَلْتَ فَعَلَيْكَ بِالْكَيْسِ الْكَيْسِ.

قَوْلُهُ (تَابَعَهُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ فِي الْكَيْسِ) عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَوَهْبٌ هُوَ ابْنُ كَيْسَانَ، وَالْمُتَابِعُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ وَهْبٌ لَكِنَّهُ نَسَبَهَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ لِتَفَرُّدِهِ بِذَلِكَ عَنْ وَهْبٍ، نَعَمْ قَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ هَذَا الْحَدِيثَ مُطَوَّلًا وَفِيهِ مَقْصُودُ الْبَابِ، لَكِنْ بِلَفْظٍ آخَرَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ، وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تَقَدَّمَتْ مَوْصُولَةً فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي غَزَاةٍ فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الْجَمَلِ بِطُولِهَا، وَفِيهِ قِصَّةُ تَزْوِيجِ جَابِرٍ وَقَوْلُهُ: أَفَلَا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ، وَفِيهِ: أَمَّا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ فالكيس الْكَيْسِ وَقَوْلُهُ فالكيس بِالْفَتْحِ فِيهِمَا عَلَى الْإِغْرَاءِ، وَقِيلَ: عَلَى التَّحْذِيرِ مِنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْكَيْسُ هُنَا بِمَعْنَى الْحَذَرِ، وَقَدْ يَكُونُ الْكَيْسُ بِمَعْنَى الرِّفْقِ وَحُسْنِ التَّأَتِّي. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْكَيْسُ الْعَقْلُ، كَأَنَّهُ جَعَلَ طَلَبَ الْوَلَدِ عَقْلًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَرَادَ الْحَذَرَ مِنَ الْعَجْزِ عَنِ الْجِمَاعِ فَكَأَنَّهُ حَثَّ عَلَى الْجِمَاعِ.

قُلْتُ: جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ تَخْرِيجِ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْكَيْسَ الْجِمَاعُ وَتَوْجِيهُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: فَإِذَا قَدِمْتَ فَاعْمَلْ عَمَلًا كَيِّسًا، وَفِيهِ: قَالَ جَابِرٌ: فَدَخَلْنَا حِينَ أَمْسَيْنَا، فَقُلْتُ لِلْمَرْأَةِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَنِي أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا كَيِّسًا، قَالَتْ: سَمْعًا وَطَاعَةً، فَدُونَكَ. قَالَ: فَبِتُّ مَعَهَا حَتَّى أَصْبَحْتُ. أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ. قَالَ عِيَاضٌ: فَسَّرَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ الْكَيْسَ بِطَلَبِ الْوَلَدِ وَالنَّسْلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَ صَاحِبُ الْأَفْعَالِ: كَاسَ الرَّجُلُ فِي عَمَلِهِ حَذَقَ، وَكَاسَ وَلَدَ وَلَدًا كَيِّسًا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كَاسَ الرَّجُلُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ كَيِّسٌ اهـ. وَأَصْلُ الْكَيْسِ الْعَقْلُ كَمَا ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ، لَكِنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ الْمُرَادَ هُنَا، وَالشَّاهِدُ لِكَوْنِ الْكَيْسِ يُرَادُ بِهِ الْعَقْلُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَإِنَّمَا الشِّعْرُ لُبُّ الْمَرْءِ يَعْرِضُهُ … عَلَى الرِّجَالِ فَإِنْ كَيْسًا وَإِنْ حُمْقًا

فَقَابَلَهُ بِالْحُمْقِ وَهُوَ ضِدُّ الْعَقْلِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ: الْكَيِّسِ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْأَحْمَقُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْفِطْنَةُ.

١٢٢ - بَاب تَسْتَحِدُّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ

٥٢٤٧ - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَةِ، تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي