للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَعَقُّبٌ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ سَلَفٌ. وَقَدْ بَالَغَ ابْنُ حَزْمٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ إِلَى مَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَقْوَالِ أَصْحَابِهِ.

(تَنْبِيهٌ): اتَّفَقَ مَنْ قَالَ بِالْإِشْعَارِ بِإِلْحَاقِ الْبَقَرِ فِي ذَلِكَ بِالْإِبِلِ، إِلَّا سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْغَنَمَ لَا تُشْعَرُ لِضَعْفِهَا، وَلِكَوْنِ صُوفِهَا أَوْ شَعْرِهَا يَسْتُرُ مَوْضِعَ الْإِشْعَارِ، وَأَمَّا عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ فَلِكَوْنِهَا لَيْسَتْ ذَاتَ أَسْنِمَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١٠٩ - بَاب مَنْ قَلَّدَ الْقَلَائِدَ بِيَدِهِ

١٧٠٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ ﵂: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ. قَالَتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ قَلَّدَ الْقَلَائِدَ بِيَدِهِ) أَيِ الْهَدَايَا، وَلَهُ حَالَانِ: إِمَّا أَنْ يَسُوقَ الْهَدْيَ وَيَقْصِدَ النُّسُكَ فَإِنَّمَا يُقَلِّدُهَا وَيُشْعِرُهَا عِنْدَ إِحْرَامِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَسُوقَهُ وَيُقِيمَ فَيُقَلِّدَهَا مِنْ مَكَانِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى حَدِيثِ الْبَابِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا يُقَلِّدُ بِهِ بَعْدَ بَابٍ، وَالْغَرَضُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِابْتِدَاءِ التَّقْلِيدِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَائِشَةَ ثُمَّ قَلَّدَهَا بِيَدِهِ بَيَانًا لِحِفْظِهَا لِلْأَمْرِ وَمَعْرِفَتِهَا بِهِ ويُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ أَنَّهُ ﷺ تَنَاوَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَعَلِمَ وَقْتَ التَّقْلِيدِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ شَيْءٍ يَمْتَنِعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ لِئَلَّا يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ اسْتَبَاحَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَقَطَ عَمْرٌو مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَعَمْرَةُ هِيَ خَالَةُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوِي عَنْهَا، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ) كَذَا وَقَعَ فِي: الْمُوَطَّأِ وَكَأَنَّ شَيْخَ مَالِكٍ حَدَّثَ بِهِ كَذَلِكَ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ وَأَمَّا بَعْدَهُمْ فَمَا كَانَ يُقَالُ لَهُ إِلَّا زِيَادُ ابْنُ أَبِيهِ وَقَبْلَ اسْتِلْحَاقِ مُعَاوِيَةَ لَهُ كَانَ يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ سُمَيَّةُ مَوْلَاةَ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ الثَّقَفِيِّ تَحْتَ عُبَيْدٍ الْمَذْكُورِ فَوَلَدَتْ زِيَادًا عَلَى فِرَاشِهِ فَكَانَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ شَهِدَ جَمَاعَةٌ عَلَى إِقْرَارِ أَبِي سُفْيَانَ بِأَنَّ زِيَادًا وَلَدَهُ فَاسْتَلْحَقَهُ مُعَاوِيَةُ لِذَلِكَ وَزَوَّجَ ابْنَهُ ابْنَتَهُ وَأَمَّرَ زِيَادًا عَلَى الْعِرَاقَيْنِ - الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ - جَمَعَهُمَا لَهُ وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ. (تَنْبِيهٌ): وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ابْنَ زِيَادٍ بَدَلَ قَوْلِهِ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ وَهْمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْغَسَّانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَجَمِيعُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ وَهُوَ الْمَوْجُودُ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ) زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ: وَقَدْ بَعَثْتُ بِهَدْيِي فَاكْتُبِي إِلَيَّ بِأَمْرِكِ. زَادَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ: أَوْ مُرِي صَاحِبَ الْهَدْيِ. أَيِ الَّذِي مَعَهُ الْهَدْيُ أَيْ بِمَا يَصْنَعُ.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ عَمْرَةُ) هُوَ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ. وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ عَنْ عَائِشَةَ الْقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ كَمَا مَضَى قَرِيبًا مُخْتَصَرًا، وَرَوَاهُ عَنْهَا أَيْضًا مَسْرُوقٌ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مُخْتَصَرًا، وَأَوْرَدَهُ فِي الضَّحَايَا مُطَوَّلًا وَتَرْجَمَ هُنَاكَ عَلَى حُكْمِ مَنْ أَهْدَى وَأَقَامَ هَلْ يَصِيرُ مُحْرِمًا أَوْ لَا؟ وَلَمْ يُتَرْجِمْ