وَبِهَذَا الْأَخِيرِ جَزَمَ الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ، وَكَذَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: فَاصْنَعَ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ هَوْذَةَ، عَنْ عَوْفٍ: فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ وَكُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ بِإِثْبَاتِ وَاوِ الْعَطْفِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: كُلِّ شَيْءٍ هُوَ بَيَانٌ لِلشَّجَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَنَعَهُ عَنِ التَّصْوِيرِ وَأَرْشَدَهُ إِلَى الشَّجَرِ كَانَ غَيْرَ وَافٍ بِمَقْصُودِهِ، وَلِأَنَّهُ قَصَدَ كُلَّ مَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ خُصُوصَ الشَّجَرِ، وَقَوْلُهُ: كُلِّ بِالْخَفْضِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: (سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ مِنَ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هَذَا الْوَاحِدَ) أَيِ: الْحَدِيثَ، سَقَطَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ هُنَا، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ النَّضْرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ، وَسَأَذْكُرُ مَا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مِنَ التَّغَايُرِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ وَجَدْتُ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ قَبْلَ قَوْلِهِ: سَمِعَ سَعِيدٌ مَا نَصُّهُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبَعْدَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعَ سَعِيدٌ إِلَخْ فَزَالَ الْإِشْكَالُ بِهَذَا، وَلَمْ أَجِدْ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ إِلَّا فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ، وَمُحَمَّدٌ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ، وَعَبْدَةُ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ.
١٠٥ - بَاب تَحْرِيمِ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ
وَقَالَ جَابِرٌ ﵁: حَرَّمَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْعَ الْخَمْرِ
٢٢٢٦ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَنْ آخِرِهَا، خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: حُرِّمَتْ التِّجَارَةُ فِي الْخَمْرِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ تَحْرِيمِ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ) تَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ لَكِنْ بِقَيْدِ الْمَسْجِدِ، وَهَذِهِ أَعَمُّ مِنْ تِلْكَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ جَابِرٌ: حَرَّمَ النَّبِيُّ ﷺ الْخَمْرَ) سَيَأْتِي مَوْصُولًا بَعْدَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ، وَنَذْكُرُ تَحْرِيرَ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الْخَمْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ أَكْلِ الرِّبَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَتَمَّ سِيَاقًا، وَلِأَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ مَرْفُوعًا: إِنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ شِرَاؤُهَا وَثَمَنُهَا.
١٠٦ - بَاب إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرًّا
٢٢٢٧ - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: قَالَ اللَّهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ.
[الحديث ٢٢٢٧ - طرفه في: ٢٢٧٠]
قَوْلُهُ: (بَابُ إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرًّا) أَيْ: عَالِمًا مُتَعَمِّدًا، وَالْحُرُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ مِثْلُ الْمَوْقُوفِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ) هُوَ بِشْرُ بْنُ عُبَيْسٍ - بِمُهْمَلَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرًا - ابْنُ مَرْحُومِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مِهْرَانَ الْعَطَّارُ فَنُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَهُوَ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ مَا أَخْرَجَ عَنْهُ مِنَ السِّتَّةِ إِلَّا الْبُخَارِيَّ، وَقَدْ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ هَذَا فِي الْإِجَارَةِ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ وَافَقَ بِشْرًا فِي رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ شَيْخِهِمَا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ) بِالتَّصْغِيرِ هُوَ الطَّائِفِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ مَوْصُولًا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ،