الْخُرُوجَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْتَارَ دِينًا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ الْخَوَارِجَ شَرُّ الْفِرَقِ الْمُبْتَدِعَةِ مِنَ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَمِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
قُلْتُ: وَالْأَخِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِهِمْ مُطْلَقًا، وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِعُمَرَ لِشِدَّتِهِ فِي الدِّينِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي التَّعْدِيلِ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَلَوْ بَلَغَ الْمَشْهُودُ بِتَعْدِيلِهِ الْغَايَةَ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّقَشُّفِ وَالْوَرَعِ حَتَّى يُخْتَبَرَ بَاطِنُ حَالِهِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْوَاحِدِ) هُوَ ابْنُ زِيَادٍ، وَالشَّيْبَانِيُّ، هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَيُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو بِتَحْتَانِيَّةٍ أَوَّلُهُ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مُصَغَّرٌ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا أُسَيْرٌ، وَوَقَعَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ كَحَدِيثِ الْبَابِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ، وَهُوَ مِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ ثَعْلَبَةَ نَزَلَ الْكُوفَةَ وَيُقَالُ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِهِ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُسَيْرِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَيُقَالُ لَهُ: أُسَيْرُ بْنُ جَابِرٍ، كَذَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرٍ فِي فَضِيلَةِ أُوَيْسٍ الْقَرْنِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ أُسَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ نُسِبَ لِجَدِّهِ.
قَوْلُهُ: (سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ الْعِرَاقِ) أَيْ مِنْ جِهَتِهِ، وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ: نَحْوَ الْمَشْرِقِ.
قَوْلُهُ: (يَمْرُقُونَ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُرُوقُ الْخُرُوجُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، يُقَالُ: مَرَقَ السَّهْمُ مِنَ الْغَرَضِ إِذَا أَصَابَهُ ثُمَّ نَفَذَ مِنْهُ فَهُوَ يَمْرُقُ مِنْهُ مَرْقًا وَمُرُوقًا، وَانْمَرَقَ مِنْهُ، وَأَمْرَقَهُ الرَّامِي إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمُمَرِّقِ: مُمَرِّقٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: مَرَقَ الْبَرْقُ لِخُرُوجِهِ بِسُرْعَةٍ.
قَوْلُهُ: (مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ) زَادَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ أُسَيْرٌ: قُلْتُ: مَا لَهُمْ عَلَامَةٌ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ لَا أَزِيدُكَ عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ صَرَّحَ بِأَنَّ الْحَرُورِيَّةَ هُمُ الْمُرَادُ بِالْقَوْمِ الْمَذْكُورِينَ فِي أَحَادِيثِ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ، فَيُقَوِّي مَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ تَوَقَّفَ فِي الِاسْمِ وَالنِّسْبَةِ لَا فِي كَوْنِهِمُ الْمُرَادَ.
قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْخَوَارِجِ عَنْ عَلِيٍّ تَامًّا وَمُخْتَصَرًا: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَزَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، وَكُلَيْبٌ الْجَرْمِيُّ، وَطَارِقُ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو مَرْيَمَ.
قُلْتُ: وَأَبُو وَضِيٍّ، وَأَبُو كَثِيرٍ، وَأَبُو مُوسَى، وَأَبُو وَائِلٍ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ.، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو جُحَيْفَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ.، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْفَرَّاءُ مَوْلَى عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ. وَكَثِيرُ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَوْ بَعْضِهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو بَرْزَةَ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ.
قُلْتُ: وَرَافِعُ بْنُ عَمْرٍو، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَجُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَرِيسٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَطَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ مِنْ طَرِيقِ الْفَرَزْدَقِ الشَّاعِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ وَسَأَلَهُمَا، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَإِنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ عَلَيْنَا يَقْتُلُونَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤَمِّنُونَ مَنْ س وَاهُمْ فَقَالَا لِي: سَمِعْنَا النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: مَنْ قَتَلَهُمْ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَمَنْ قَتَلُوهُ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، فَهَؤُلَاءِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَفْسًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالطُّرُقُ إِلَى كَثْرَتِهِمْ مُتَعَدِّدَةٌ كَعَلِيٍّ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَأَبِي بَرْزَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، فَيُفِيدُ مَجْمُوعُ خَبَرِهِمَا الْقَطْعَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
٨ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ
٦٩٣٥ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: