طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْوَلِيمَةِ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ مُعَلَّقًا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنِ الْجَعْدِ، وَفِيهِ: ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ، وَيَقُولُ لَهُمْ: اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هُنَاكَ مَنْ وَصَلَهُ، وَسَيَأْتِي أَصْلُهُ مَوْصُولًا بَعْدَ بَابَيْنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ، وَعَزَاهُ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ تَبَعًا لِمُغُلْطَايْ لِتَخْرِيجِ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ بَكْرٍ، وَثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ ذُهُولٌ مِنْهُمَا؛ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى، وَالْبَزَّارِ أَيْضًا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ الْمَدَنِيَّ، وَحَلْحَلَةٌ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ مَفْتُوحَةٌ.
قَوْلُهُ: (عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ، وَصُورَتُهُ الْإِرْسَالُ، وَقَدْ وَصَلَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ فَقَالَا: عَنْ مَالِكٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ مُنْكَرٌ، وَإِنَّمَا اسْتَجَازَ الْبُخَارِيُّ إِخْرَاجَهُ - وَإِنْ كَانَ الْمَحْفُوظُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ الْإِرْسَالَ - لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قَبْلَهُ صِحَّةُ سَمَاعِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَصُرَ بِإِسْنَادِهِ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِوَصْلِهِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَوْصُولٌ، وَلَعَلَّهُ وَصَلَهُ مَرَّةً فَحَفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ خَالِدٌ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ وَهُمَا ثِقَتَانِ، أَخْرَجَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ عَنْهُمَا، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَلَى ذِكْرِ رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ وَحْدَهُ.
٤ - بَاب مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيْ الْقَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً
٥٣٧٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيْ الْقَصْعَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ) حَوَالَيْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ، أَيْ: جَوَانِبَ، يُقَالُ: رَأَيْتُ النَّاسَ حَوْلَهُ وَحَوْلَيْهِ وَحَوَالَيْهِ وَاللَّامُ مَفْتُوحَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهَا.
قَوْلُهُ: (إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي تَتَبُّعِ النَّبِيِّ ﷺ الدُّبَّاءَ مِنَ الصَّحْفَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُهُ يُعَارِضُ الَّذِي قَبْلَهُ فِي الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ، فَجَمَعَ الْبُخَارِيُّ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْجَوَازِ عَلَى مَا إِذَا عَلِمَ رِضَا مَنْ يَأْكُلْ مَعَهُ، وَرَمَزَ بِذَلِكَ إِلَى تَضْعِيفِ حَدِيثِ عِكْرَاشٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ لَوْنًا وَاحِدًا فَلَا يَتَعَدَّى مَا يَلِيهِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ لَوْنٍ فَيَجُوزُ، وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِعْلَهُ ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَرَقٍ وَدُبَّاءٍ وَقَدِيدٍ فَكَانَ يَأْكُلُ مِمَّا يُعْجِبُهُ وَهُوَ الدُّبَّاءُ وَيَتْرُكُ مَا لَا يُعْجِبُهُ وَهُوَ الْقَدِيدُ، وَحَمَلَهُ الْكِرْمَانِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَابِ الْخَيَّاطِ مِنْ كِتَابِ الْبَيْعِ عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ كَانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَحْدَهُ، قَالَ: فَلَوْ كَانَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لَكَانَ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ، قُلْتُ: إِنْ أَرَادَ بِالْوَحْدَةِ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَأْكُلْ مَعَهُ فَمَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ أَنَسًا أَكَلَ مَعَهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَالِكَ وَأَذِنَ لِأَنَسٍ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ فَلْيَطْرُدْهُ فِي كُلِّ مَالِكٍ وَمُضِيفٍ، وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ.
وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنْ مَالِكٍ جَوَابًا يَجْمَعُ الْجَوَابَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute