للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَرِوَايَةِ النَّسَفِيِّ حَدَّثَنَا هَارُونُ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، فَزَعَمَ ابْنُ عَدِيٍّ أَنَّهُ هَارُونُ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ الزُّبَيْرِيُّ، وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْ حَالِهِ شَيْءٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ مَنْسُوبًا.

قَوْلُهُ: (تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ) هُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ هُنَا الْأَرْضُ الَّتِي لَهَا غَلَّةٌ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَتَحَ الْمِيمَ - حَكَاهُ الْمُنْذِرِيُّ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ: هِيَ أَرْضٌ تِلْقَاءَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ لِعُمَرَ. قُلْتُ: وَسَأَذْكُرُ فِي بَابِ الْوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ كَيْفِيَّةَ مَصِيرِهِ إِلَى عُمَرَ مَعَ بَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ (فَصَدَقَتُهُ تِلْكَ) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِغَيْرِهِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ) قَالَ الْمُهَلَّبُ: شَبَّهَ الْبُخَارِيُّ الْوَصِيَّ بِنَاظِرِ الْوَقْفِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ النَّظَرَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ كَالنَّظَرِ لِلْيَتَامَى، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْوَاقِفَ هُوَ الْمَالِكُ لِمَنَافِعِ مَا وَقَفَهُ، فَإِنْ شَرَطَ لِمَنْ يَلِي نَظَرَهُ شَيْئًا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْمُوصِي لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَلَدَهُ يَمْلِكُونَ الْمَالَ بَعْدَهُ بِقِسْمَةِ اللَّهِ لَهُمْ فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَالْوَاقِفِ اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُوصِيَ إِذَا جَعَلَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ سَائِغٌ إِذَا عَيَّنَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَا إِذَا أَوْصَى وَلَمْ يُعَيِّنْ لِلْوصِي شَيْئًا هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ أَمْ لَا؟ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: وَجْهُ الْمُطَابَقَةِ هُوَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَصْدَ أَنَّ الْوَصِيَّ يَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَجْرَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ عُمَرَ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ.

ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ الْآيَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: أُنْزِلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، فِي وَالِي مَالِ الْيَتِيمِ إِلَخْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ، يَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٢٣ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾

٢٧٦٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ.

[الحديث ٢٧٦٦ - طرفاه في: ٥٧٦٤، ٦٨٥٧]

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾. أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ، وَفِيهِ: وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَكُنْتُ قَدَّمْتُ فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّنِي أَشْرَحُ هَذَا الْحَدِيثَ هُنَا، ثُمَّ حَصَلَ ذُهُولٌ فَاسْتَدْرَكْتُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعَادَهُ فِيهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ كِتَابِ الْحُدُودِ، وَذَكَرْتُ الِاخْتِلَافَ فِي ضَابِطِ الْكَبِيرَةِ، وَفِي عَدَدِهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْأَدَبِ.