للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾. سَاقَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: رُشْدًا إِلَى قَوْلِهِ: ﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ قَوْلُهُ: (حَسِيبًا يَعْنِي كَافِيًا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَسَقَطَ يَعْنِي لِأَبِي ذَرٍّ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: فَسَّرَهُ غَيْرُهُ عَالِمًا، وَقِيلَ: مُحَاسِبًا، وَقِيلَ: مُقْتَدِرًا، وَفِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ أَيْ شَهِيدًا.

باب وما لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ

٢٧٦٤ - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ثَمْغٌ، وَكَانَ نَخْلًا فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي اسْتَفَدْتُ مَالًا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ، فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ، فَصَدَقَتُهُ تِلْكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَلِذِي الْقُرْبَى، وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ.

٢٧٦٥ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ : ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ أَنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ عِمَالَتِهِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَسَقَطَتْ مَا الْأُولَى لِأَبِي ذَرٍّ، وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ: فَقِيلَ: يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ قَدْرَ عِمَالَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ كَمَا فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: لَا يَأْكُلُ مِنْهُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ عُبَيْدَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ: إِذَا أَكَلَ ثُمَّ أَيْسَرَ قَضَى، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ جَازَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَغَيْرُهُمَا، أَخْرَجَ جَمِيعَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقَالَ هُوَ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا وَانْتَصَرَ لَهُ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَأْخُذُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَنَفَقَتِهِ، وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ، عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْيَتِيمُ، أَيْ إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى الْأَكْلِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَصْلًا، وَالْمَشْهُورُ مَا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ. أَحَدُهُمَا حَدِيثُ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْأَشْعَثِ) هُوَ الْهَمْدَانِيُّ بِسُكُونِ الْمِيمِ، أَصْلُهُ مِنَ الْكُوفَةِ ثُمَّ سَكَنَ بُخَارَى، وَلَمْ يُخَرِّجْ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْكِتَابِ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ