للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ: هَلْ يُمْنَعُ أَمْ لَا؟

قَوْلُهُ: (وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الْفِتْنَةِ) أَيْ: فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا وَصَلَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ مَرْفُوعًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِتْنَةِ مَا يَقَعُ مِنَ الْحُرُوبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِهِ إِذْ ذَاكَ إِعَانَةً لِمَنِ اشْتَرَاهُ، وَهَذَا مَحَلُّهُ إِذَا اشْتَبَهَ الْحَالُ، فَأَمَّا إِذَا تَحَقَّقَ الْبَاغِي فَالْبَيْعُ لِلطَّائِفَةِ الَّتِي فِي جَانِبِهَا الْحَقُّ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا كُرِهَ بَيْعُ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ، وَمِنْ ثَمَّ كَرِهَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بَيْعَ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى فَسْخِ الْبَيْعِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى خِلَافِ الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: بِعْ حَلَالَكَ مِمَّنْ شِئْتَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَعُمْرُ بْنُ كَثِيرٍ هُوَ ابْنُ أَفْلَحَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيِّ عَمْرٌو بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ، وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ أَوَّلُهُمْ يَحْيَى.

قَوْلُهُ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَامَ حُنَيْنٍ فَبِعْتُ الدِّرْعَ) كَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا، فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: سَقَطَ شَيْءٌ مِنَ الْحَدِيثِ لَا يَتِمُّ الْكَلَامُ إِلَّا بِهِ وَهُوَ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ سلبه وَكَانَ الدِّرْعُ مِنْ سَلَبِهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ تَعَسُّفٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ جَوَازَ بَيْعِ الدِّرْعِ فَذَكَرَ مَوْضِعَهُ مِنَ الْحَدِيثِ وَحَذَفَ سَائِرَهُ، وَكَذَا يَفْعَلُ كَثِيرًا. قُلْتُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَلَيْسَ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ بِمَدْفُوعٍ، وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ مُسْتَوْفى مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي. وَقَدِ اسْتُشْكِلَ مُطَابِقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ شَيْءٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا، فَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ مُنَزَّلٌ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ بَيْعُهُ فِي غَيْرِ الْفِتْنَةِ. وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الْقُطْبِ فِي شَرْحِهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَمَّا قَالَ: فَأَرْضِهِ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدِّرْعَ وَيُعَوِّضَهُ عَنْهُ النَّبِيُّ ، وَكَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ; وَكَانَ ذَلِكَ وَقْتَ الْفِتْنَةِ. انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى تَعَسُّفُ هَذَا التَّأْوِيلِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْبَيْعِ إِنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ أَبِي قَتَادَةَ الدِّرْعَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الدِّرْعَ فَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ الْبُسْتَانَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْفِتْنَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ لِمَنْ لَا يُخْشَى مِنْهُ الضَّرَرُ؛ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ بَاعَ دِرْعَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ الْقِتَالُ فِيهِ قَائِمًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ عَلَى ذَلِكَ، وَالظَّنُّ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ مِمَّنْ يُعِينُ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِهِ فِي زَمَنِ الْقِتَالِ لِمَنْ لَا يُخْشَى مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (مَخْرَفًا) بِالْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ وَالْفَاءِ مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ هُوَ الْبُسْتَانُ، وَبِكَسْرِ الْمِيمِ الْوِعَاءُ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ الثِّمَارُ.

قَوْلُهُ: (بَنِي سَلَمَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ.

قَوْلُهُ: (تَأَثَّلْتُهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ قَبْلَ اللَّامِ أَيْ: جَمَعْتُهُ قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ، وَقَالَ الْقَزَّازُ جَعَلْتُهُ أَصْلَ مَالِي، وَأَثْلَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ.

٣٨ - بَاب فِي الْعَطَّارِ وَبَيْعِ الْمِسْكِ

٢١٠١ - حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ: لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بيتك أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً.

[الحديث - ٢١٠١ - طرفه في ٥٥٣٤]