ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثَمَّ، وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ تَقْرِيرُ النَّبِيِّ ﷺ مِلْكَ زَمْعَةَ لِلْوَلِيدَةِ، وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهَا.
ثَالِثُهَا حَدِيثُ صُهَيْبٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ سَعْدٍ) أَيِ: ابْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، لِصُهَيْبٍ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُدْعَ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ) كَانَ صُهَيْبٌ يَقُولُ: إِنَّهُ ابْنُ سِنَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ عُقَيْلٍ، وَيَسُوقُ نَسَبًا يَنْتَهِي إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ، وَأَنَّ أُمَّهُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَكَانَ لِسَانُهُ أَعْجَمِيًّا؛ لِأَنَّهُ رُبِّيَ بَيْنَ الرُّومِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ لِسَانُهُمْ، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ، لِصُهَيْبٍ: مَا وَجَدْتُ عَلَيْكَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: اكْتَنَيْتَ أَبَا يَحْيَى، وَأَنَّكَ لَا تُمْسِكُ شَيْئًا، وَتُدْعَى إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ.
فَقَالَ: أَمَّا الْكُنْيَةُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَنَّانِي، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَوْ كُنْتُ مِنْ رَوْثَةٍ لَانْتَسَبْتُ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ كَانَ الْعَرَبُ يَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَسَبَانِي نَاسٌ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُ مَوْلِدِي وَأَهْلِي، فَبَاعُونِي فَأَخَذْتُ بِلِسَانِهِمْ يَعْنِي: لِسَانَ الرُّومِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَأَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ سَعْدٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُكَنَّى أَبَا يَحْيَى، وَيَقُولُ: إِنَّهُ مِنَ الْعَرَبِ، وَيُطْعِمُ الْكَثِيرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ، فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَنَّانِي، وَإِنِّي رَجُلٌ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ مِنْ أَهْلِ الْمُوصِلِ وَلَكِنْ سَبَتْنِي الرُّومُ غُلَامًا صَغِيرًا بَعْدَ أَنْ عَقَلْتُ قَوْمِي وَعَرَفْتُ نَسَبِي، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى صُهَيْبٍ، فَلَمَّا رَآهُ صُهَيْبٌ قَالَ: يَا نَاسُ يَا نَاسُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا لَهُ يَدْعُو النَّاسَ؟ فَقِيلَ: إِنَّمَا يَدْعُو غُلَامَهُ يُحَنَّسَ، فَقَالَ: يَا صُهَيْبُ مَا فِيكَ شَيْءٌ أَعِيبُهُ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ فِيهِ: وَمَا انْتِسَابِي إِلَى الْعَرَبِ فَإِنَّ الرُّومَ سَبَتْنِي وَأَنَا صَغِيرٌ وَإِنِّي لَأَذْكُرُ أَهْلَ بَيْتِي، وَلَوْ أَنِّي انْفَلَقْتُ عَنْ رَوْثَةٍ لَانْتَسَبْتُ إِلَيْهَا.
فَهَذِهِ طُرُقٌ تَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَلَعَلَّهُ اتَّفَقَتْ لَهُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَرَ مَرَّةً، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أُخْرَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ السِّيَاقِ.
رَابِعُهَا حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا) الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ، وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ مَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ مِنْ وُقُوعِ الصَّدَقَةِ وَالْعَتَاقَةِ مِنَ الْمُشْرِكِ؛ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ صِحَّةَ مِلْكِ الْمُشْرِكِ، إِذْ صِحَّةُ الْعِتْقِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى صِحَّةِ الْمِلْكِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: أَتَحَنَّثُ هَلْ هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوِ الْمُثَنَّاةِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ، وَذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ رَوَى هُنَا: أَتَحَبَّبُ بِمُوَحَّدَتَيْنِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَنْسُبَهَا لِقَائِلِهَا.
١٠١ - بَاب جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ
٢٢٢١ - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ﵄ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ: هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟ قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ، قَالَ: إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ) أَيْ: هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا أَمْ لَا؟ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ جَوَازَ الْبَيْعِ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَمَا لَا فَلَا، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنِ اعْتِرَاضِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي أَوْرَدَهُ تَعَرُّضٌ لِلْبَيْعِ، وَالِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ مُطْلَقًا قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَبَعْدَهُ مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ الزُّهْرِيِّ، وَكَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ، وَحُجَّتُهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ ﷺ: إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ