للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: أَمَعَكَ مَاءٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فِي سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ، فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ الْإِدَاوَةَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ لُبْسِ جُبَّةِ الصُّوفِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ الْمُشَارَ إِلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَسَاقَهُ عَنْهُ أَتَمَّ.

وزَكَرِيَّا الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَعَامِرٌ هُوَ الشَّعْبِيُّ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: كَرِهَ مَالِكٌ لُبْسَ الصُّوفِ لِمَنْ يَجِدُ غَيْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الشُّهْرَةِ بِالزُّهْدِ لِأَنَّ إِخْفَاءَ الْعَمَلِ أَوْلَى، قَالَ وَلَمْ يَنْحَصِرِ التَّوَاضُعُ فِي لُبْسِهِ بَلْ فِي الْقُطْنِ وَغَيْرِهِ مَا هُوَ بِدُونِ ثَمَنِهِ.

١٢ - بَاب الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ وَهُوَ الْقَبَاءُ، وَيُقَالُ هُوَ الَّذِي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ

٥٨٠٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أنه قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا. فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيِّ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ. فَقَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي. فقَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ: خَبَأْتُ هَذَا لَكَ. قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ.

٥٨٠١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: "أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعاً شَدِيداً كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ".

قَوْلُهُ: (بَابُ الْقَبَاءِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ مَمْدُودٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْقَبْوِ وَهُوَ الضَّمُّ.

قَوْلُهُ: (وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْقَبَاءُ) قُلْتُ وَوَقَعَ كَذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ هُوَ الَّذِي لَهُ شِقٌّ مِنْ خَلْفِهِ) أَيْ فَهُوَ قَبَاءٌ مَخْصُوصٌ، وَبِهَذَا جَزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْغَرِيبِ نَظَرًا لِاشْتِقَاقِهِ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: هُوَ قَمِيصُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْقَبَاءُ وَالْفَرُّوجُ كِلَاهُمَا ثَوْبٌ ضَيِّقُ الْكُمَّيْنِ وَالْوَسَطِ مَشْقُوقٌ مِنْ خَلْفٍ يُلْبَسُ فِي السَّفَرِ وَالْحَرْبِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الْحَرَكَةِ. وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ:

أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمٍ، عَنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَسَيَأْتِي كَذَلِكَ فِي بَابِ الْمَزْرُورِ بِالذَّهَبِ مُعَلَّقًا.

قَوْلُهُ: (عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ) هَكَذَا أَسْنَدَهُ اللَّيْثُ، وَتَابَعَهُ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَلَى وَصْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ، وَأَرْسَلَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَمْسِ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ قِسْمَةِ الْإِمَامِ مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِ الْخَمْسِ.

قَوْلُهُ: (قَسَمَ النَّبِيُّ أَقْبِيَةً) فِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ أَقْبِيَةٌ وَفِي