للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنَ الْآيَةِ، وَفِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنِ النَّبِيِّ ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اسْتَفَادَهُ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي آخِرِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَبِيُّكُمْ مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ فَاسْتُنْبِطَ وَجْهُ سُجُودِ النَّبِيِّ فِيهَا مِنَ الْآيَةِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ كَوْنُ السَّجْدَةِ الَّتِي فِي ص إِنَّمَا وَرَدَتْ بِلَفْظِ الرُّكُوعِ، فَلَوْلَا التَّوْقِيفُ مَا ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا سَجْدَةً. وَفِي النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً، وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا، فَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ: شُكْرًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِيهَا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ سُجُودَ الشَّاكِرِ لَا يُشْرَعُ دَاخِلَ الصَّلَاةِ.

وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَرَأَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ص، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي يَوْمٍ آخَرَ فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَهَيَّأْتُمْ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ فَهَذَا السِّيَاقُ يُشْعِرُ بِأَنَّ السُّجُودَ فِيهَا لَمْ يُؤَكَّدْ كَمَا أُكِّدَ فِي غَيْرِهَا، وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ السُّجُودِ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ بِأَنَّ الرُّكُوعَ عِنْدَهَا يَنُوبُ عَنِ السُّجُودِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُصَلِّي رَكَعَ بِهَا وَإِنْ شَاءَ سَجَدَ، ثُمَّ طَرَدَهُ فِي جَمِيعِ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ.

٤ - بَاب سَجْدَةِ النَّجْمِ

قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ

١٠٧٠ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ النَّبِيَّ قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ بِهَا، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ الْقَوْمِ إِلَّا سَجَدَ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ سَجْدَةِ النَّجْمِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ يَأْتِي مَوْصُولًا فِي الَّذِي يَلِيهِ. وَالْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى كَفِّهِ وَنَحْوِهِ لَا يُعَدُّ سَاجِدًا حَتَّى يَضَعَهَا بِالْأَرْضِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

٥ - بَاب سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

١٠٧١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ.

وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ.

[الحديث ١٠٧١ - طرفه في: ٤٨٦٢]

قَوْلُهُ: (بَابُ سُجُودِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُشْرِكُ نَجَسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: رُوِّينَا قَوْلَهُ: نَجَسٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تُسَكَّنُ الْجِيمُ إِذَا ذُكِرَتِ اتِّبَاعًا فِي قَوْلِهِمْ: رِجْسٌ نَجَسٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِحَذْفِ غَيْرِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ رَجُلٍ زَعَمَ أَنَّهُ كَنَفْسِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَنْزِلُ عَنْ رَاحِلَتِهِ