السَّقَّاءِ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَقِيلٍ يَحْيَى بْنِ حَبِيبِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبُو عَقِيلٍ كُوفِيٌّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعَ مِنْهُ أَبِي وَهُوَ صَدُوقٌ، وَذَكَرَه ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ وَأَغْرَبَ. قُلْتُ: وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَقَدْ رَفَعَهُ أَيْضًا يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ رَوَيْنَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ السَّقَّاءِ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَدِّهِ يَعْقُوبَ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، فَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِير عَنْهُ، عَنْ أَبِي حِبَّانَ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مَوْقُوفًا فِي قِصَّةٍ لَهُ مَعَ عَائِشَةَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا؟ قَالَ: قَوْلُ الْأَوَّلِ: زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا.
فَقَالَ عِبدَ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ: دَعُونَا مِنْ بَطَالَتِكُمْ هَذِهِ، وَأَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ فِي صَلَاتِهِ، وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْأَمْثَالِ بِأَنَّهُ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ، وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ شَائِعًا فِي الْمُتَقَدِّمِينَ، فَرَوَيْنَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ السَّقَّاءِ قَالَ: أَنْشَدُونَا لِهِلَالِ بْنِ الْعَلَاءِ:
اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنِي … لَكَ أَخْلَصُ الثَّقَلَيْنِ قَلْبَا،
لَكِنْ لِقَوْلِ نَبِيِّنَا … زُورُوا عَلَى الْأَيَّامِ غِبَّا
مَنْ زَارَ غِ بًّا … مِنْكُمْ يَزْدَادُ حُبَّا
قُلْتُ: وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوجِزَ فَيَقُولُ:
لَكِنْ لِقَوْلِ نَبِيِّنَا … مَنْ زَارَ غِبًّا زَادَ حُبَّا
وَقَدْ أَنْشَدُونَا لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْقُرْطُبِيِّ رَاوِي الْمُوَطَّأِ:
أَقِلَّ زِيَارَةَ الْإِخْوَا … نِ تَزْدَدْ عِنْدَهُمْ قُرْبَا
فَإِنَّ الْمُصْطَفَى قَدْ قَا … لَ زُرْ غِبًّا تَزِدْ حُبَّا
قُلْتُ: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ الْبَابِ؛ لِأَنَّ عُمُومَهُ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَيْسَتْ لَهُ خُصُوصِيَّةُ ومَوَدَّةٍ ثَابِتَةٍ، فَلَا يَنْقُصُ كَثْرَةُ زِيَارَتِهِ مِنْ مَنْزِلَتِهِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الصِّدِّيقُ الْمُلَاطِفُ لَا يَزِيدُهُ كَثْرَةُ الزِّيَارَات إِلَّا مَحَبَّةً، بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
٦٥ - بَاب الزِّيَارَةِ. وَمَنْ زَارَ قَوْمًا فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ
وَزَارَ سَلْمَانُ، أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَكَلَ عِنْدَهُ
٦٠٨٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَمَرَ بِمَكَانٍ مِنْ الْبَيْتِ فَنُضِحَ لَهُ عَلَى بِسَاطٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُمْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الزِّيَارَةِ) أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهَا (وَمَنْ زَارَ قَوْمًا فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ) أَيْ مِنْ تَمَامِ الزِّيَارَةِ أَنْ يُقَدِّمَ لِلزَّائِرِ مَا حَضَرَ، قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَهُوَ مِمَّا يُثَبِّتُ الْمَوَدَّةَ، وَيَزِيدُ الْمَحَبَّةِ. قُلْتُ: وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْحَاكِم،