أُطُمٍ) بِضَمَّتَيْنِ؛ هُوَ الْحِصْنُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْحَجِّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ) تَقَدَّمَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِهَذَا السَّنَدِ بِلَفْظِ: عَلَى أُطُمٍ مِنَ الْآطَامِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي سَاقَهُ هُنَا لَفْظُ مَعْمَرٍ.
قَوْلُهُ: (هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ قَالُوا: لَا) وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا لِمَعْمَرٍ، وَلَمْ أَرَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَوْلُهُ: (فَإِنِّي لَأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ) فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ: إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ. وَالْمُرَادُ بِالْمَوَاقِعِ مَوَاضِعُ السُّقُوطِ، وَالْخِلَالُ النَّوَاحِي، قَالَ الطِّيبِيُّ: تَقَعُ مَفْعُول ثَانٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا وَهُوَ أَقْرَبُ، وَالرُّؤْيَةُ بِمَعْنَى النَّظَرِ؛ أَيْ: كُشِفَ لِي فَأَبْصَرْتُ ذَلِكَ عِيَانًا.
قَوْلُهُ: (كَوَقْعِ الْقَطْرِ) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ: الْمَطَرِ وَفِي رِوَايَةِ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ: كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي آخِرِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا اخْتُصَّتِ الْمَدِينَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَتْلَ عُثْمَانَ ﵁ كَانَ بِهَا، ثُمَّ انْتَشَرَتِ الْفِتَنُ فِي الْبِلَادِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالْقِتَالُ بِالْجَمَلِ وَبِصِفِّينَ كَانَ بِسَبَبِ قَتْلِ عُثْمَانَ، وَالْقِتَالُ بِالنَّهْرَوَانِ كَانَ بِسَبَبِ التَّحْكِيمِ بِصِفِّينَ، وَكُلُّ قِتَالٍ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ إِنَّمَا تَوَلَّدَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَنْ شَيْءٍ تَوَلَّدَ عَنْهُ.
ثُمَّ إِنَّ قَتْلَ عُثْمَانَ كَانَ أَشَدَّ أَسْبَابِهِ الطَّعْنُ عَلَى أُمَرَائِهِ ثُمَّ عَلَيْهِ بِتَوْلِيَتِهِ لَهُمْ، وَأَوَّلُ مَا نَشَأَ ذَلِكَ مِنَ الْعِرَاقِ وَهِيَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الْآتِي أَنَّ الْفِتْنَةَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَحَسُنَ التَّشْبِيهُ بِالْمَطَرِ لِإِرَادَةِ التَّعْمِيمِ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ عَمَّهَا وَلَوْ فِي بَعْضِ جِهَاتِهَا، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَنْذَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ بِقُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ كَيْ يَتُوبُوا قَبْلَ أَنْ تَهْجُمَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ خُرُوجَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قُرْبُ قِيَامِ السَّاعَةِ فَإِذَا فُتِحَ مِنْ رَدْمِهِمْ ذَاكَ الْقَدْرُ فِي زَمَنِهِ ﷺ لَمْ يَزَلِ الْفَتْحُ يَتَّسِعُ عَلَى مَرِّ الْأَوْقَاتِ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، مُوتُوا إِنِ اسْتَطَعْتُمْ قَالَ: وَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْفِتَنِ وَالْخَوْضِ فِيهَا حَيْثُ جَعَلَ الْمَوْتَ خَيْرًا مِنْ مُبَاشَرَتِهَا، وَأَخْبَرَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بِوُقُوعِ الْفِتَنِ خِلَالَ الْبُيُوتِ لِيَتَأَهَّبُوا لَهَا فَلَا يَخُوضُوا فِيهَا وَيَسْأَلُوا اللَّهَ الصَّبْرَ وَالنَّجَاةَ مِنْ شَرِّهَا.
٥ - بَاب ظُهُورِ الْفِتَنِ
٧٠٦١ - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَا هُوَ؟ قَالَ: الْقَتْلُ الْقَتْلُ.
وَقَالَ شُعَيْبٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ
٧٠٦٢، ٧٠٦٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى فَقَالَا قال النبي ﷺ: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَايَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ"
[الحديث ٧٠٦٢ - طرفه في: ٧٠٦٦ والحديث ٧٠٦٤، ٧٠٦٥]