غَيْرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُطَابِقًا لِرُكْنِ التَّرْجَمَةِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي الْجِهَادِ، وَهُوَ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ ﷺ انْتَسَبَ إِلَى جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَيَكُونُ مُطَابِقًا لِرُكْنِ التَّرْجَمَةِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، بِبُطُونِ قُرَيْشٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لِبُطُونِ بِاللَّامِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ، وَنِدَاؤُهُ لِلْقَبَائِلِ مِنْ قُرَيْشٍ قَبْلَ عَشِيرَتِهِ الْأَدْنَيْنَ لِيُكَرِّرَ إِنْذَارَ عَشِيرَتِهِ ; وَلِدُخُولِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا فِي أَقَارِبِهِ ; وَلِأَنَّ إِنْذَارَ الْعَشِيرَةِ يَقَعُ بِالطَّبْعِ، وَإِنْذَارَ غَيْرِهِمْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ لَنَا قَبِيصَةُ إِلَخْ) هُوَ مَوْصُولٌ وَلَيْسَ بِمُعَلَّقٍ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَبِيصَةَ.
قَوْلُهُ: (جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُوهُمْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ) قَدْ فَسَّرَهُ الَّذِي قَبْلُهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يُسَمِّي رُءُوسَ الْقَبَائِلِ، كَقَوْلِهِ: يَا بَنِي عَدِيٍّ، وَأَوْضَحُ مِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَعْدَهُ حَيْثُ نَادَاهُمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ إِلَى أَنِ انْتَهَى إِلَى عَمَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهِيَ أُمُّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَإِلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ ﵍، وَسَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ. وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِنْ كَانَتْ وَقَعَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِمَكَّةَ فَلَمْ يُدْرِكْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَا أَبُو هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ، وَفِي نِدَاءِ فَاطِمَةَ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا مَا يَقْتَضِي تَأَخُّرَ الْقِصَّةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ صَغِيرَةً أَوْ مُرَاهِقَةً، وَإِنْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَضَرَهَا فَلَا يُنَاسِبُ التَّرْجَمَةَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِمُدَّةٍ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ: فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَرِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ لَهَا مِنْ مُرْسَلِ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ دُخُولِهَا فِي مُبْتَدَأ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ كَانَ حَاضِرًا لِذَلِكَ وَهُوَ مَاتَ فِي أَيَّامِ بَدْرٍ. وَمَرَّةً بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ تُدْعَى فِيهَا فَاطِمَةُ ﵍ أَوْ يَحْضُرُ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوِ ابْنُ عَبَّاسٍ.
١٤ - بَاب ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ منهم وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ
٣٥٢٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ الْأَنْصَارَ فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ؟ قَالُوا: لَا، إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ ابْنِ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ) أَيْ: فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُنَاظَرَةِ وَالتَّعَاوُنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِيرَاثِ فَفِيهِ نِزَاعٌ، كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ.
قَوْلُهُ: (إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا) هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ: إن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ يَوْمًا لِقُرَيْشٍ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِنْكُمْ؟ قَالُوا لَا، إِلَّا ابْنُ أُخْتِنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ. فَقَالَ: ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ. وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ: ادْخُلُوا عَلَيَّ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيَّ إِلَّا قُرَشِيٌّ. فَقَالَ: هَلْ مَعَكُمْ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ؟ قَالُوا: مَعَنَا ابْنُ الْأُخْتِ وَالْمَوْلَى. قَالَ: حَلِيفُ الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَالطَّبَرَانِيُّ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.
(تَنْبِيهٌ):
لَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ مَعَ ذِكْرِهِ فِي التَّرْجَمَةِ، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ